كن جميلا ترى الوجود جميلا
2.08K subscribers
6.61K photos
1.35K videos
546 files
2.55K links
فلتشرق من عينيك البراقتين كن مشرقاً بذاتك كالشمس
فلا تكن قمراً،ولا نجماً يحتاج غيره ليضيء
Download Telegram
ألا لعنة الله على الظالمين
الطريق إلى الحَجَّة المبرورة (1)

إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واتبع هداه إلى يوم الدين.
أما بعد،
فالحج ركن الإسلام الخامس، فرضه الله على عباده مرَّة فِي العمر، فيجتهد المسلم فِي أداء هَذِهِ الفريضة الَّتِي لعلَّه لا يستطيع فعلها بعد ذلك فِي حياته كلِّها، وخاصَّةً أهل البلاد البعيدة عن الحرمين. لذلك يحرص الحُجَّاج على أن تكون هَذِهِ الحَجَّة هي الحَجَّة المبرورة الَّتِي وعد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم صاحبها بالجنَّة.
وعادة الحُجَّاج فِي هَذَا الزمان أنَّهم يأتون فِي مجموعات للحجِّ يقودها شخص أو مجموعة أشخاص تحمل أسماء مختلفة، مثل المطوِّفين، أو حملات الحجِّ، أو شركات، أو غيرها من الأسماء الدَّالة على أنَّ هَذَا الحاج يدار فِي أدائه للنُّسك من قبل هَذِهِ الجهة.
أما الحاجُّ فله هدف واحد جاء من أجله، وهو أداء النُّسُك على الوجه الذي شرعه الله وطبَّقه رسوله صلى الله عليه وسلم ، لينال الحَجَّة المبرورة الَّتِي ليس لها جزاء إلا الجنَّة.
وأما إداريو حملات الحجِّ فلهم أهداف أخرى قد تختلف عن هدف الحاجِّ، فيقع التضارب بين أهداف من يدير شأن الحجَّاج، وبين الحجَّاج.
وهذه رسالةٌ صغيرةٌ كتبتها نصحًا لإخواني الذين يعملون فِي إدارة حملات الحجِّ بشتَّى مستوياتها أَلفِتُ نظرَهم فيها إلى جانبٍ واحدٍ فقط من جوانب الإدارة فِي الحجِّ وهو: خطَّة الحركة فِي الحجِّ وأثرها على تحصيل الحَجَّة المبرورة، ليتَّفق هدف الحاجِّ مع هدف إدارة حملات الحجِّ فِي تحصيل المقصود.
وليس المقصود من هَذِهِ الرسالة مناقشة مسائل الحجِّ الفقهية مناقشة مستفيضة، فهذه لها رجالها وكتبها الَّتِي استفاضت فِي بيان تفاصيلها.
هذه الرسالة أو النصيحة جاءت بعد أن منَّ الله عليَّ بحجِّ بيته الحرام 36 حجة فِي 39 سنة، رأيت خلالها كلَّ التطورات والأحداث الَّتِي مرت على المشاعر من عام 1401ه إلى تاريخ كتابة هَذِهِ الرسالة فِي 17 ذي الحَجَّة 1439ه، كما مارست فِي هَذِهِ المرحلة شتى الأدوار فِي الحجِّ، من حاجٍّ إلى مرشدٍ للحجيج إلى إداري فِي حملات الحجِّ، إلى مُخطِّط لحملات الحجِّ، وغيرها.
أذكر هَذِهِ النعمة الَّتِي أنعم الله بها عليَّ حتى لا يظنَّ ظانٌّ أني أكتب من خيال ومن فراغ، وممن لا يعرف المشاعر وأحوالها.
وجعلت هَذِهِ الرسالة على شكل نقاط مترابطة أرجو أن تصل بالقارئ إلى المقصود وأن تُحقِّق النصح لإخواني فِي إدارة حملات الحجيج فِي أي بلد كانوا، سائلًا المولى عَزَّ وَجَلَّ أن يجعلها لوجه خالصة وأن يتقبَّلها مني ويُثقِّل بها موازين حسناتي. راجيًا من إخواني الذين يطَّلعون على هَذِهِ الرسالة تسديد ما فيها من نقص وتطويرها عسى الله أن يُوفِّق الجميع لخدمة ضيوفه فِي تحقيق هدفهم المنشود (الحجة المبرورة).
وكتبه
عادل بن حسن يوسف الحمد
الرفاع - مملكة البحرين
17 ذي الحَجَّة 1439هـ
هذه الرسالة كنت قد كتبتها في التاريخ المذكور، واليوم أنشرها على شكل حلقات ليسهل على الناس قراءتها والانتفاع بما فيها من حقٍّ وصواب، وأستغفر الله من كل زلل أو خطأ فيها.
الحجة المبرورة:
وردت أحاديث كثيرة تُبيِّن فضل الحجِّ، منها: حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاَّ الجَنَّةُ». رواه البخاري ومسلم.
ولما رغبت عائشة فِي الجهاد فِي سبيل الله أرشدها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنَّه لا جهاد على النساء ولكن جهادهنَّ الحجُّ، قَالَتْ عَائِشَةُ أُمُّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَرَى الجِهَادَ أَفْضَلَ العَمَلِ، أَفَلاَ نُجَاهِدُ؟ قَالَ: «لاَ، لَكنَّ أَفْضَلَ الجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ». رواه البخاري.
ولما سأل النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أحدُ الصحابة: أَيُّ العَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ». قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «حَجٌّ مَبْرُورٌ». رواه البخاري ومسلم.
والأحاديث فِي فضل الحَجَّة المبرورة كثيرة.
وقد حجَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حجَّةً واحدةً، ولا نشكُّ أنَّها حجَّة مبرورة بجميع ما حوت من أعماله صلى الله عليه وسلم وسنَّته فيها، وخُطَّة سيره وحركته صلى الله عليه وسلم ومواقيتها الَّتِي اختارها هي جزء من النُّسك الذي شرعه لنا، فهي جزء من الحَجَّة المبرورة. قال ابن تيمية رحمه الله: ((وَلَا حَجَّةَ تَكُونُ أَفْضَلَ مِنْ حَجَّةِ أَفْضَلِ الْأُمَّةِ مَعَ أَفْضَلِ الْخَلْقِ بِأَمْرِهِ))(. (مجموع الفتاوى 26/ 87.)
فهذه الحَجَّة الَّتِي حجَّها النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هي المثال الذي يَحتذي به كلُّ من يريد أن يحجَّ حجَّة مبرورة.

نكمل غدًا إن شاء الله.
وكتبه
د. عادل حسن يوسف الحمد
ولنتأمل هذه الكلمات لعلمائنا الافاضل ففيها سلوى لكل قلب مكلوم :

قال ابن القيم رحمه الله : من كان الله معه فمن ذا الذي يغلبه أو ينالُه بسوء لو كادته السماوات والأرض والجبال لكفاه الله مؤونتها…!

وقال رحمه الله تعالى : الله عز وجل قضى أن لا ينال ما عنده إلا بطاعته، ومن كان لله كما يريد كان الله له فوق ما يريد، فمن أَقبل إِليه تلقاه من بعيد، ومن تصرف بحوله وقوته أَلان له الحديد، ومن ترك لأَجله أَعطاه فوق المزيد، ومن أَراد مراده الدينى أَراد ما يريد

وقال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: مَن كان الله معه فلن يُغلَب، ومَن لا يُغلَب لا يحقُّ له أن يحزن. وعدم الحزن يشمل ما وقع مِن أمورٍ تجلِب الهموم، وما سيقع

قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: قوله: ﴿ لَا تَحْزَنْ ﴾ [التوبة: 40] نهي يشمل الهمَّ مما وقع وما سيقع.
الطريق إلى الحجة المبرورة (2)
وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ
أمرنا الله عَزَّ وَجَلَّ بإتمام الحجِّ والعمرة، وهذا يعني أن نأتي بها على أكمل صورة ما أمكن، قال البغويُّ رحمه الله: ((هُوَ أَنْ يُتِمَّهُمَا بِمَنَاسِكِهِمَا وَحُدُودِهِمَا وَسُنَنِهِمَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَلْقَمَةَ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَمُجَاهِدٍ)). (تفسير البغوي 1/217)
وقال أبو حيان رحمه الله: ((الْإِتْمَامُ كَمَا تَقَدَّمَ ضِدُّ النَّقْصِ، وَالْمَعْنَى: افْعَلُوهُمَا كَامِلَيْنِ وَلَا تَأْتُوا بِهِمَا نَاقِصَيْنِ شَيْئًا مِنْ شُرُوطِهِمَا، وَأَفْعَالِهِمَا الَّتِي تَتَوَقَّفُ وُجُودُ مَاهِيَّتِهِمَا عَلَيْهِمَا)). (البحر المحيط 2/254)
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله: ((قوله تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ أي ائتوا بهما تامَّتينِ؛ وهذا يشمل كمال الأفعال فِي الزمن المحدَّد، وكذلك صفة الحجِّ، والعمرة - أن تكون موافقة تمام الموافقة لما كان النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يقوم به)). (تفسير سورة الفاتحة والبقرة 2/392)
وهذا يعنى أنَّ موافقة خطَّة سير النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وحركته فِي الحجِّ مطلوبة لتحقيق أمر الله تعالى لنا بإتمام الحجِّ والعمرة.
واقع إدارة حملات الحجِّ اليوم:
عندما ننظر إلى واقع إدارة حملات الحجّ اليوم نجدها تسير على مسارات مختلفة، فمنهم من لا يأتي يوم التَّرويَة إلى مِنَى أبدًا، ومنهم من يأتي بعد العصر، ومنهم من يأتي ليلًا، وقليل منهم من يأتي قبل الظُّهر.
ثُمَّ يوم عَرَفَة، منهم من يخرج من مَكَّة إلى عَرَفَة ليلة عَرَفَة، ومنهم من يخرج من مِنَى إلى عَرَفَة ليلًا كذلك، ومنهم من يغادرها بعد طلوع الشَّمس.
أما ليلة مزدلفة فغالب حملات الحجِّ المحلِيَّة لا تبيت بمزدلفة مع تفاوت بقائهم فيها، فمنهم من يجلس ساعة أو ساعتين فيها ثُمَّ يغادر، ومنهم من يجلس حتى منتصف اللَّيل ثُمَّ يغادر، وقليل منهم من يبيت تلك اللَّيلة إلى الفجر.
أما يوم النحر، فبعضهم ينتهي من أعمال يوم النحر قبل طلوع الفجر من يوم النحر، ومنهم من يطوف بعد خروجه من مزدلفة ويرمي بعد العصر من يوم النحر، بل بعضهم يرمي جمرة العقبة بعد غروب الشَّمس من يوم النحر.
ولهم فِي أيَّام التَّشرِيق أحوال مختلفة، فغالبهم يأتي جزءًا من اللَّيل ثُمَّ يغادر إلى سكنه فِي مَكَّة، وبعضهم يأتي للرمي ليلًا فقط ثُمَّ يخرج من مِنَى إلى سكنه فِي مكة.
أما المُتعجِّل منهم فيرمي بعد صلاة الفجر من ثاني أيَّام التَّشرِيق، وبعضهم يرميها ضحى ثُمَّ يخرج، وقليل منهم من يرمي بعد الزَّوَال.
هذه صورةٌ مجملةٌ لما يحدث أيَّام الحجِّ من قبل إدارة حملات الحجِّ المحلِيَّة، والتي قد تتشابه مع غيرها من الحملات الخليجية أو غيرها من باقي ديار المسلمين.
والملاحظ أن الإدارة فِي حملات الحجِّ تُلزم حُجَّاجها بخطَّة السَّير الَّتِي تعتمدها فِي حجِّها من غير مراعاة لخطَّة سير النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أو الحرص على موافقتها.
أسباب هَذَا الواقع:
لا شكَّ أنَّ لهذا الواقع الذي وصلنا إليه فِي إدارة حملات الحجِّ أسبابًا مختلفة ومتنوعة، وليس مقصود هَذِهِ الرِّسالة مناقشة هَذِهِ الأسباب، أو استعراضها، ولكني أحب فِي هَذِهِ المناسبة أن أذكر بأمرين اثنين لهما أثر فِي الواقع الذي نشاهده اليوم، بل ولهما أثر فِي الأسباب الَّتِي يتعذَّر بها البعض:
الأمر الأوَّل:
أنَّ كل انحراف عن الخط المستقيم يبدأ صغيرًا ثُمَّ يكبر مع طول الزمن؛ أقول هَذَا لنتذكر أنَّ الذين اتخذوا قرار عدم المبيت فِي مِنَى والبقاء فيها أيَّام التَّشرِيق، اتخذوه من غير ضغط عليهم من أي جهة، بل كان غالب النَّاس وقتها يبيتون فِي مِنَى. ثُمَّ لما تبعهم النَّاس على ذلك، جاءت العقوبة العامَّة بتضييق المساحة فِي مِنَى على كل حملات الحجِّ المحلية، ثُمَّ جاءت فكرة الاشتراك فِي المكان الواحد لأكثر من حملة.
الأمر الثاني:
هناك فرق بين أن يضطر الإنسان إلى اتخاذ قرارٍ ما فيه مخالفة لخطَّة سير النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بناء على ظروف مفاجئة، وبين أن يخطِّط للمخالفة قبل أن يخرج من بلده إلى الحجِّ.
بمعنى أن من نوى المخالفة ابتداء ووضع خطَّته الإدارية على مخالفة الطَّريقة النَّبَوِيَّة فِي الحجِّ، ليس كمثل من نوى وخطَّط للسَّير على خطَّة سير النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، ولكنه أُلجئ إلى مخالفة الهدي النَّبَوِي فِي جزئية معينة.
إذا وضعنا هذين الأمرين نصب أعيننا، استطعنا أن نفهم أسباب الواقع بشكل مريح وواضح.
خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ:
كرر النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي حجَّة الوداع قوله: ((خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ)).
كما رواه الأئمة مسلم وأبو داود وأحمد والنسائي والبيهقي وابن خزيمة والطبراني فِي الأوسط وابن حزم فِي حجَّة الوداع وأبو عوانة وغيرهم، رووه بألفاظ متقاربة كلها تشير إلى أخذ المناسك عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ، وسرُّ تكرار هَذِهِ الجملة؛ أنَّ للحجِّ صورة فِي الجَاهِلِيَّة جاء الإسلام لهدمها، منها خطَّة السَّير فِي الحجِّ، فهي تختلف فِي الإسلام عنها فِي الجَاهِلِيَّة.
ولذلك بوَّب البخاري رحمه الله فِي صحيحه فِي كتاب الحجِّ، باب الوقوف بعَرَفَة، ثُمَّ أورد فيه حديث: جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: أَضْلَلْتُ بَعِيرًا لِي، فَذَهَبْتُ أَطْلُبُهُ يَوْمَ عَرَفَة، فَرَأَيْتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَاقِفًا بِعَرَفَة، فَقُلْتُ: «هَذَا وَاللَّهِ مِنَ الحُمْسِ فَمَا شَأنَّه هَا هُنَا».
ثم أورد أثر عروة بن الزبير المفصل للموضوع، قَالَ عُرْوَةُ: «كَانَ النَّاس يَطُوفُونَ فِي الجَاهِلِيَّة عُرَاةً إِلا الحُمْسَ، وَالحُمْسُ قُرَيْشٌ وَمَا وَلَدَتْ، وَكَانَتِ الحُمْسُ يَحْتَسِبُونَ عَلَى النَّاسِ، يُعْطِي الرَّجُلُ الرَّجُلَ الثِّيَابَ يَطُوفُ فِيهَا، وَتُعْطِي المَرْأَةُ المَرْأَةَ الثِّيَابَ تَطُوفُ فِيهَا، فَمَنْ لَمْ يُعْطِهِ الحُمْسُ طَافَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانًا، وَكَانَ يُفِيضُ جَمَاعَةُ النَّاس مِنْ عَرَفَاتٍ، وَيُفِيضُ الحُمْسُ مِنْ جَمْعٍ»، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا " أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي الحُمْسِ: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾ [البقرة: 199]، قَالَ: كَانُوا يُفِيضُونَ مِنْ جَمْعٍ، فَدُفِعُوا إِلَى عَرَفَاتٍ".
قال ابن خزيمة فِي صحيحه (4/ 353) تعليقًا على هَذَا الحديث: ((فَهَذَا الْخَبَرُ دَالٌّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا أَمَرَ نَبِيَّهُ بِالْوُقُوفِ بِعَرَفَاتٍ، وَمُخَالَفَةِ قُرَيْشٍ فِي وُقُوفِهِمْ بِالْمُزْدَلِفَةِ، وَتَرْكِهُمُ الْخُرُوجَ مِنَ الْحَرَمِ لِتَسْمِيَتِهِمْ أَنْفُسَهُمُ الْحُمْسَ لِهَذِهِ الْآيَةِ: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾ أَيْ غَيْرُ قُرَيْشٍ الَّذِينَ كَانُوا يَقِفُونَ بِالْمُزْدَلِفَةِ)).
وليس هَذَا فحسب فِي مسألة مخالفة المشركين فِي خطَّة السَّير فِي المناسك، بل هناك مثال آخر وهو الدفع من مزدلفة صباحًا، فقد بوَّب الإمام البخاري رحمه الله فِي كتاب الحجِّ، باب متى يدفع مِن جَمْع، ثُمَّ أورد فيه حديث عمر وبيانه لخطَّة سير النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من مزدلفة المخالفة لخطَّة المشركين؛ قال عَمْرَو بْنُ مَيْمُونٍ: شَهِدْتُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَلَّى بِجَمْعٍ الصُّبْحَ، ثُمَّ وَقَفَ فَقَالَ: ((إِنَّ المُشْرِكِينَ كَانُوا لاَ يُفِيضُونَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمس وَيَقُولُونَ: أَشْرِقْ ثَبِيرُ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَالَفَهُمْ ثُمَّ أَفَاضَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمس )).
وهذا يدلُّ على أن خطَّة سير النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حجَّة الوداع وأدائه للمناسك كانت مقصودة وهي داخلة فِي قوله: ((خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ)).
نكمل غدًا إن شاء الله.
وكتبه
د. عادل الحمد
الطريق إلى الحجة المبرورة (3)
خطَّة سير النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِي حجَّة الوداع

سأستعرض فِي هَذِهِ النقطة خطَّة سير النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حجَّة الوداع وخطَّة إداريي حملات الحجِّ، مع بيان توجيه العلماء فِي ذلك.

*يوم التروية:*
جاء فِي حديث جابر الطَّويل فِي صحيح مسلم فِي وصف حجَّته صلى الله عليه وسلم قال: فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ تَوَجَّهُوا إِلَى مِنَى، فَأَهَلُّوا بِالْحَجِّ، وَرَكِبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَصَلَّى بِهَا الظُّهرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ، ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمس.
هذا هدي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي خطَّة سيره فِي اليوم الثامن من ذي الحجة.
أما ما يفعله إداريو حملات الحجِّ فِي ذلك اليوم فله صور:
• منهم من يلغي الذهاب إلى مِنَى تمامًا فِي يوم التَّروية من برنامجه.
• ومنهم من يذهب مِنَى بعد صلاة العصر.
• ويندر أن تجد فِي برنامج خطَّة سير حملة من حملات الحجِّ المحلية الذهاب إلى مِنَى قبل صلاة الظُّهر.
قال ابن تيمية رحمه الله: ((وَالسُّنَّةُ أَنْ يَبِيتَ الْحَاجُّ بِمِنَى: فَيُصَلُّونَ بِهَا الظُّهرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ وَلَا يَخْرُجُونَ مِنْهَا حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمس كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم)). (مجموع الفتاوى 26/129)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ((بعض الحُجَّاج يذهب رأسًا إلى عَرَفَة ولا يبيت فِي مِنَى، وهذا وإن كان جائزًا؛ لأن المبيت فِي مِنَى قبل يوم عَرَفَة ليس بواجب، لكن الأفضل للإنسان أن يتبع السنَّة الَّتِي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحيث ينزل فِي مِنَى من ضحى يوم الثامن إلى أن تطلع الشَّمس لليوم التاسع، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك وقال: ((لتأخذوا عني مناسككم)). (دليل الأخطاء الَّتِي يقع فيها الحاج والمعتمر والتحذير منها 62)

*يوم عَرَفَة:*
جاء فِي حديث جابر الطويل فِي صحيح مسلم فِي وصف حجَّته صلى الله عليه وسلم قال: ((فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ تَوَجَّهُوا إِلَى مِنَى فَأَهَلُّوا بِالْحَجِّ وَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى بِهَا الظُّهرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ، ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمس، وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعَرٍ تُضْرَبُ لَهُ بِنَمِرَةَ، فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا تَشُكُّ قُرَيْشٌ إِلَّا أنَّه وَاقِفٌ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الجَاهِلِيَّة، فَأَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَتَى عَرَفَة فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ فَنَزَلَ بِهَا)).
وبوب الإمام ابن خزيمة فِي صحيحه على حديث جابر بقوله: بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ السُّنَّةَ الْغُدُوُّ مِنْ مِنَى إِلَى عَرَفَاتٍ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمس لَا قَبْلَهُ. (صحيح ابن خزيمة 4/248)
فالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي صبيحة يوم عَرَفَة كانت خطَّة سيره التَّحرك من مِنَى بعد طلوع الشَّمس والتوجُّه إلى عَرَفَة.
أما ما يفعله إداريو حملات الحجِّ فله صور، منها:
• منهم من يخرج من مَكَّة ليلة عَرَفَة إلى عَرَفَة من غير المرور على مِنَى.
• ومنهم من يخرج من مِنَى إلى عَرَفَة ليلًا.
• ومنهم من يوافق الهدي النَّبَوِي ويخرج من مِنَى بعد طلوع الشَّمس إلى عَرَفَة.
قال ابن تيمية رحمه الله: ((وَمِنْهُمْ مَنْ يَدْخُلُهَا لَيْلًا وَيَبِيتُونَ بِهَا قَبْلَ التَّعْرِيفِ، وَهَذَا الَّذِي يَفْعَلُهُ النَّاس كُلُّهُ يُجْزِي مَعَهُ الْحَجُّ لَكِنْ فِيهِ نَقْصٌ عَنْ السُّنَّةِ))( مجموع الفتاوى 26/131).

نكمل غدًا إن شاء الله.
وكتبه
د. عادل حسن يوسف الحمد
إهمال الزوج لزوجته أصبحت ظاهرة تهدد جميع البيوت ...يضحك... يلهو... يتمتع مع الجميع وعند دخوله المنزل أو محادثته الزوجة تجده يتأفأف وفجأة يتحول إلى شخص ممل لا يطيق التحدث معها بإحترام بل العكس يقلل من قيمتها ويحسب أنه بذلك رجل... لا يا أخي إنتبه...
المرأة إذا تزوجت ليست جائعه في بيت أبيها لتشبعها أنت
وليست عاريه في بيت أبيها لتكسوها أنت
بعضهن عند أبيها أعز من بيتك
وأغنى من بيتك
وبيت أبيها أوسع من بيتك
هي أتت لتبني معك أسرة جديدة
تريد الاهتمام..
تريد المحبة..
تريد الرحمة..
تريد العطف والحنان..
تريد الهدوء..
تريد الأمان..
تريد الحب..
فإذا فقدت ذلك في بيت زوجها، صار ذلك البيت سجنًا ..
هي ليست غريبة هي زوجتك وحبيبتك وٲم اطفالك وشريكة حياتك ...لاتقســـوا عليها..
رفقا بالقوارير:
أحقر الرجال على وجه الأرض الرجل الأناني الذي يرفع صوته على زوجته ولايفكر إلا في نفسه فقط
والذي يلوم زوجته دائما ويلقي عليها التهم ويحملها كل الأخطاء ويبخل عليها ماديا ومعنويا ولايحترمها ولايقدرها وينعتها بما ليس فيها مما يسبب إيذائها نفسيا وجسديا ..
زوجتك هي ماصنعت
انظر إلى زوجتك إذا وجدتها
ملكة تضحك افتخر بنفسك
أنت جعلتها كذلك..
وإن وجدتها حزينة مهمومة مقهورة
اخجل من نفسك أنت جعلتها كذلك..