#امــــل
.
#الحلقة 31
.
.
كانت الساعات التي تلت تحرك شاحنة الخضار الاشد رعباً في حياة الحاج صالح كان قلبه ينبض خوفاً على جهاد المسجى تحت الخضار ، حثَّ صاحبه على الاسراع وبعد ساعة ونصف من المسير المتواصل لاحت امامهما نقطة السيطرة :
_ ياحاج ارجو ان تظلَ هادئاً وحاول ان تبدو وكأنك مريض ولستَ على مايرام ولاتنطق بأي كلمة .
كانت يدا الحاج ترتجف كما قلبه :
_ حسناً ، يارب عليك توكلنا .
بدأ السائق يخفف من سرعة السيارة حتى وصل اليهم ، كانت وجوههم الساخطة تثير الاشمئزاز والرعب نظر احدهم الى السائق وبدا عليه انه يعرفه فسارع الى القاء التحية بلطف :
_ السلام عليكم ياسيدي .
اجاب بغلظة :
_ وعليكم السلام ، ارى ان معك احدهم من يكون ؟
_ انه احد قاطني المدينة شعر بتوعك وطلب مني ان أُقله الى المشفى في المدينة المجاورة .
تمعن فيهما بشدة ثم ذهب الى رجل اخر يجلس على كرسي تحت خرقة جعلوها كمظلة تقيهم حر الشمس فهمس الحاج :
_ ما الذي يحدث ؟
اجابه السائق بقلق :
_ لا ادري .
قام الرجل من كرسيه ودار حول الشاحنة ونظر للحمولة بسخط و ظل واقفاً في الخلف بينما الرجلين يرتعشان خوفاً و بالكاد يتنفسان همس السائق :
_ يا الهي ، قُضي علينا .
اشار الرجل الى صاحبه فذهب اليه تحدث معه فقام بالصعود الى ظهر الشاحنة لم يحتمل الحاج صالح المنظر واخذ يسعل بقوة وفجاءة عاد الرجل الى حيث نافذة السائق :
_ عليك الانتباه لنفسك جيداً ، هل فهمت ليس مسموحاً لك بأن تُقل اي احد بعد الان ومن الان فصاعداً سيتوجب عليك دفع ضريبة مرورك من هنا بدون تفتيش .
كان الخوف بادياً على وجه السائق المسكين ونطق بصعوبة :
_ حاضر يا سيدي سأفعل ولكني لا املك المال الكافي .
اومأ له بيده لينطلق :
_ ليس مالاً ولكن جزء من حمولتك ستذهب لاطعام المجاهدين ، هيا تحرك الان وكنْ حذراً .
سار ببطء مغادراً المكان وشعر بأن قلبه على وشك التوقف .
تنفسا الصعداء وكأنهما خرجا من معركة ضارية كان الحاج صالح يبدو شاحباً جداً :
_ يارباه ما الطفك بنا وبهذا الشاب المسكين .
_ كاد قلبي ان يتوقف ياحاج صالح .
_ وانا كذلك .
بعد مسيرة نصف ساعة وبعد ان اطمئنا ان لا أحد يلحق بهما اوقف السائق الشاحنة على جانب الطريق ونزل منها :
_ هيا ياحاج صالح سيموت هذا المسكين .
ساعدا جهاد على الترجل من ظهر الشاحنة والجلوس في المقدمة فسارع السائق الى استئناف المسير واخذت الشاحنة تنهب الارض نهباً من اجل الوصول بأسرع وقت ممكن .
عند وصولهم استقبلهم الطبيب الشاب في الطورائ و كان من الرافضين لكل الافعال الاجرامية التي تقوم بها العصابات الارهابية ولكنهم اجبروه على البقاء في المستشفى وهددوه بالقتل اذا فكر في الهروب والرحيل .
اسرع الحاج صالح ليشرح للطبيب حالة جهاد وما هي الا عدة دقائق و كان جهاد يرقد على السرير حيث طلب الطبيب من الحاج الانتظار خارجاً لحين الانتهاء من فحص المصاب لتشخيص حالته :
_ عذراً ياسيدي هل بأمكاني الحصول على هاتف ؟
واخبره بأمر الصورة والرقم .
اخرج الطبيب هاتف محمول من جيبه واعطاه للحاج :
_ بأمكانك استخدام هاتفي تفضل .
ابتسامة امتنان واسعة ارتسمت على وجه الحاج صالح :
_ اشكرك ياولدي لن انسى معروفك هذا ابداً .
طلب الحاج الرقم المكتوب في الصورة رنينٌ متواصل كان يدق كالناقوس في رأس الحاج ولكن دون جواب ارتسم الحزن على وجهه وهمَّ بقطع الاتصال عندما تناهى الى مسامعه صوتٌ ملائكي :
_ الو ، نعم .
.
.
#يتبع ..
#ولك_في_انفاسي_سر
#لارواحكم_اكاليل_ورد
✍ #ندى_يعرب
.

🌸 الطريق إلى التوبة 🌸
https://telegram.me/altauba
---------------
https://www.facebook.com/altaubaa

#امــــل
.
#الحلقة 32
.
.
همس الحاج بارتباك والامل يحدو قلبه الخائف :
_ حوراء ؟
_ من هناك ، من انت ؟
لم يعرف الحاج كيف يخبر هذه المسكينة بما حل بجهاد :
_ انا الحاج صالح يا ابنتي ، هل تعرفين شاب يدعى جهاد ؟
ارتعشت كل ذرة في كيان حوراء واجابته هامسة :
_ اين هو من اين تعرف جهاد من تكون ؟
فجاءة لم تعد حوراء تسمع شيئاً وانقطع الخط ، اصيبت بالهستريا وبانامل مرتجفة عاودت طلب الرقم وجاءها صوت الحاج مجدداً:
_ اعتذر يا ابنتي انقطع الخط .
_ارجوك اخبرني من تكون و كيف حصلت على هذا الرقم ؟
_ لقد كان مكتوباً خلف صورة لفتاة تحمل وردة بيضاء وترتدي العباءة
كانت في جيب سترة جهاد .
_ اين جهاد الان ؟
_ هل انت خطيبته ؟
_ انا زوجته حوراء .
قص الحاج عليها كل الاحداث التي جرت خلال الايام الماضية :
_ لقد عملت على تهريبه من المدينة وجلبه للمشفى وهذا رقم الطبيب المشرف على حالته وهو يقوم بفحصه الان .
كانت حوراء جامدة كالجثة الهامدة لاتدري ما الذي اصابها احست فجاءة بالجمود يعتريها حتى منابع دمعها احست بها و قد تجمدت .
_ ابنتي هل لازلتِ على الخط ؟
همست ببرود :
_ اجل انا هنا .
_ سأعاود الاتصال بك .
_ حسناً .
كانت حوراء في حالة صدمة ولم تستوعب ما سمعته لتوها عن خطف زوجها واصابته وتهريبه وانه الان في منطقة تخضع للارهابيين وقد يكون مهدداً بالقتل في اي لحظة .
لم يخبر الحاج صالح حوراء بأن جهاد أُصيب بفقدان الذاكرة .
خرج الطبيب من الحجرة فأعاد له الحاج هاتفه واخبره بأن حوراء تكون زوجة جهاد :
_ لقد اتصلت بها واخبرتها بما جرى ولكن لم اخبرها بأنه فقد ذاكرته .
اطرق الطبيب برأسه الى الارض :
_ دعني اتصل بها .
رنَّ هاتف حوراء مجدداً :
_ السلام عليكم ، معكِ الطبيب المسؤول عن حالة جهاد ، ارجو ان لا تقلقي جروحه ليست خطرة و اصابته طفيفة ولكن سوء وضعه ناتج عن فقدان الدم ولكن اصابة رأسه كانت قوية ونتج عنها فقدان ذاكرة مؤقت .
_ وعليكم السلام دكتور ، كيف يعني فقدان ذاكرة مؤقت ؟
_ فقدان الذاكرة المؤقت ينتج عن الصدمة بعد اصابة الرأس يصبح بعدها وعي المصاب معتماً ولايتذكر اي شيء تصبح ذاكرته خالية من الذكريات ويتبعه عوارض منها التهيج، اضطرابات النوم، فقدان الحس العاطفي وردود الفعل المبالغ فيها .
_ هل تعني انه اصبح لايعرفني ؟
_ ولايعرف حتى نفسه ولا اسمه ولا اي شيء ، ذاكرته في الوقت الحالي كذاكرة طفل حديث الولادة لايوجد فيها سوى العتمة وقد تداهمه بين حينٍ وآخر بعض الومضات التي تذكره بالماضي .
_ و متى سيتعافى ؟
_ لا يوجد وقت معلوم لشفاء المصاب فقد تعود له بعد ساعات وقد يستغرق الامر سنوات ، على العموم سنضعه تحت الملاحظة لحين ترتيب خروجه من المدينة .
.
.
#يتبع ..
#ولك_في_انفاسي_سر
#لارواحكم_اكاليل_ورد
✍ #ندى_يعرب
.

🌸 الطريق إلى التوبة 🌸
https://telegram.me/altauba
---------------
https://www.facebook.com/altaubaa

#امــــل
.
#الحلقة 33

كانت حوراء لا تزال في غرفتها تنظر الى هاتفها عندما تناهى الى مسامعها صوت آيات يناديها من الاسفل :
_ حوراء انزلي بسرعة لقد اتى عامر .
بدت جامدة كالجثة الهامدة وبخطواتٍ متثاقلة نزلت السلالم الى الصالة كان عامر عند الباب يُدخل امتعته وآيات تنظر اليه بشغف آلمها المنظر وشعرت للحظات بالسخط وأخذت وسوسة الشيطان تنسج في رأسها خيوط الغيرة :
_ حوراء كيف حالك أُخيتي ؟ اين امي ؟
أجابته آيات :
_ لقد ذهبت الى السوق .
نظرت حوراء لعامر بدون ان ترد التحية :
_ عامر اين جهاد ؟
سيطر عامر على انفعاله :
_ أنه في الواجب ياعزيزتي .
_ ماعهدتك كاذباً ياعامر .
قطب جبينه :
_ ماذا تقصدين ؟ ماالذي اصابك ياحوراء ؟
_ قبل ايام اتصلتَ بآيات واخبرتها بأن جهاد قد اختفى صحيح ؟
نظر عامر الى آيات بنظرات معاتبة فهزت رأسها بالنفي :
_ لا تنظر اليها لم تخبرني بشيء لقد حفِظتْ سرك ايها الحبيب .
_ حوراء لماذا تخاطبيني بهذه اللهجة الساخرة مابك ؟
_ اتصل احدهم اليوم واخبرني بأن جهاد تم اختطافه وهو الان يقبع في احد المشافي فاقداً لذاكرته جريحاً ضعيفاً لايعرف اي شيء ولايتذكر اي شيء حتى أنا .
تركتهما مصدومينِ وصعدت الى غرفتها .
سارت الى وسط الغرفة وظلت واقفة احست بأن فؤادها اصبح فارغاً ولم تعد تشعر بشيء :
_ حوراء .
كان صوت عامر الذي يقف عند باب الغرفة مفعماً بالحب والخوف والقلق :
_ حوراء ارجوك ، انظري اليَّ لقد الحَّ عليَّ مسؤولي من اجل العودة الى المنزل طلبت منهم ان اشارك في العملية التي اعدوها لانقاذ جهاد من ايدي العصابات الارهابية ولكنه رفض رفضاً قاطعاً ولا استطيع مخالفة الاوامر ، تم اختطاف جهاد ولم نعلم ماهو مصيره خفت عليك كثيراً ولم استطع اخبارك بالامر .
كانت نبرة اخيها الحنونة الجازعة كفيلة بأن تذيب منابع دمعها المتجمدة جلست على الارض واخذت تنتحب فسارع عامر اليها وجلس بجانبها وضمها اليه ،
استقر رأسها على يساره فملئت نبضاته اذنها ، نبضات مجاهدٍ لايخشَ شيئاً تناثر دمعها فتساقط بعضٌ من حباته اللؤلؤية على يده السمراء القابضة على يدها المرتجفة فازدادت نبضاته اضطراباً وعلمت انه يرزح تحت وطأة حزنها .
‌‎خاطبها بصوت ينضح الماً :
‌‎_حوراء ارجوك لقد قطعتِ نياط قلبي لا شيء قادر على كسري الا دمعك هذا ، ارحمي حال اخيك ارجوك منذ ايام وانا تائه في صحراء افكاري الشاسعة .
‌‎رفعت رأسها اليه وكان الدمع يترقرق في عينيه الصارمتين و يأبى الانحدار ، ضمت رأسها الى كنفه وهمست :
‌‎_عامر سامحني .
قبلت يده :
_ سامحني يا ابي .
اردفت بعد لحظة صمت :
_ اشعر بأن قلبي اصبح فارغاً يا عامر عندما رأيتك في الاسفل برفقة آيات اصابتني الغيرة و وسوس الشيطان لي ، أنا عقيمة وزوجي لم يعد يتذكرني .
غصت بعبرتها ولم يعد عامر قادراً على كبت دموعه اكثر لقد كانت اخته مليئة بالالم والوجع :
_ اتصل احدهم يدعى الحاج صالح وقال بأنه عثر على صورة في جيب جهاد .
زاد نحيبها عندما ذكرت الصورة :
_ هذه الصورة اعطيتها لجهاد عندما خطبني وكتبت عليها رقمي حينها ليتصل بي ولم اكن اعلم انه لازال محتفظاً بها ، كانت ترافقه في كل مكان .
همست :
_ عامر ، جهاد لم يعد يعرفني ، زوجي لايعرفني ياعامر .
_ لابأس عليك ياحبيبتي ارجوك اهدئي قليلاً سأفعل المستحيل من اجل انقاذ جهاد ، فقط كوني بخير يانور قلبي ارجوك .
.
#يتبع ..
#ولك_في_انفاسي_سر
#لارواحكم_اكاليل_ورد
✍ #ندى_يعرب
.

🌸 الطريق إلى التوبة 🌸
https://telegram.me/altauba
---------------
https://www.facebook.com/altaubaa

#امــــل
.
#الحلقة 34
.
.
سارع عامر للاتصال بمسؤوله في العمل واخبره بتفاصيل ماحدث لجهاد ، مرت الايام بعدها ثقيلة على حوراء و كأنها دهوراً بأنتظار ماسيحدث لزوجها ، لم تعد قادرة على اداء ماتبقى من امتحاناتها فحصلت على اذن من الكلية لتأجيلها للدور الثاني .
و في احد الليالي وبينما كانت في محراب صلاتها تبث شكواها عبر آهات كميل الساحرة ، سمعت جرس الباب فقامت لتنظر من نافذة غرفتها المطلة على حديقة المنزل فشاهدت عامر و هو يحادث مجموعة من الرجال يرتدون الزي العسكري ، فتحت باب الحجرة فرأت امها عند باب حجرتها هي الاخرى :
_ حوراء ماذا يجري ؟
_ لا ادري يا امي .
هرعت مهرولةً الى الطابق السفلي لتستطلع الخبر ولحقت بها والدتها على عجل ، انتظرته عند باب الصالة وقلبها يرتجف بقوة .
ظلت تنتظر ولسانها يلهج بالدعاء وبعد عدة دقائق عاد عامر وعندما رأها واقفة عند الباب شاحبة ترتجف خوفاً وعيونها مبتلة بالدموع اخذ بيدها :
_ لقد انقذوه ياحوراء ، اهدئي ارجوك.
صرخت امه و هوت الى الارض ساجدة :
_ يارباه ، شكراً يا الله شكراً .
ترنحت حوراء قليلاً فسندها عامر واجلسها على الاريكة :
_ اين هو الان ؟
اوصد الباب وعاد ليجلس بقربها :
_ خلال الايام الماضية دارت معارك شرسة مع العصابات الارهابية وتمكنوا من تحرير المدينة التي يوجد فيها جهاد ونقلوه الى المستشفى العسكري ، حضروا لاصطحابي ياحوراء هم بأنتظاري في الخارج يجب ان اذهب معهم الان .
هبَّ واقفاً فأمسكت بذراعه وعيناها الدامعتين تتوسلانه :
_ عامر خذني معك ارجوك يااخي .
_ ولكن ياحوراء اخشى عليك من رؤيته الان لا نعلم ردة فعله يقول الاخوة انه لم يستطع التعرف على اي احدٍ منهم .
_ أرجوك يا عامر لن استطيع صبراً بعد الان انتظرت طويلاً لأراه .
لم تعد تقوى على الكلام واختنق صوتها ببكائها .
ربت على يدها الممسكة بذراعه بحنان وانحنى عليها مقبلاً رأسها :
_ حسناً يا عزيزتي ، اسرعي فالاخوة ينتظرون .
نهضت مسرعة و احتضنت أمها :
_ ادعي لي يا اماه ، اكاد اختنق من شدة القلق والخوف .
_ بنيتي توكلي على الله فهو حسبك .
كانت آيات نائمة وعندما سمعت حركة عامر في الغرفة فتحت عينان ناعستين فرأته يستعد للخروج :
_ عامر ماذا يجري الى اين في هذا الوقت ؟
_ لقد وجدوا جهاد يا آيات وانا ذاهبٌ اليه الان .
نهضت من السرير والدمع يترقرق في عينيها :
_ يا الهي ، هل علمت حوراء بالخبر ؟
_ اجل .
ذهبت آيات الى غرفة حوراء فوجدتها جالسة على السرير محدقةً بالارض :
_ حبيبتي حوراء .
اسرعت اليها واحتضنتها :
_ كوني قوية ايتها المجاهدة فقد خضتِ الاسوء حتى الان ، سيكون كل شيء على مايرام صدقيني .
بكت حوراء على كتفها :
_اتمنى ذلك يا آيات لاطاقة لي على حزنٍ جديد ، اشعر بأن طاقتي صفراً .
_ ستتجاوزان هذه المحنة انت وجهاد مباركينِ ياعزيزتي

#امــــل
.
#الحلقة 35
.
مضى اسبوع على مكوث جهاد في المشفى بعدها قررَّ الاطباء انه اصبح في حالةٍ تسمح له بالعودة الى منزله .
كان جهاد يخشى العودة الى مايسمى بمنزله ويخشى من المدعوة حوراء هو لايعرفها ولا يعرف احداً من اهلها فكيف سيحيا معها تحت سقفٍ واحد ، كان يحدق الى السقف ويفكر بالقادم المجهول اصابه التوتر وهو يحاول جاهداً ان يتذكر ما حدث له ولكن دون جدوى . كانت مع كل محاولة تذكر يمارسها ينال منه الاضطراب ويجعله ساخطاً لذا قرر التوقف عن المحاولة واستسلم للضباب الذي يحيط بذاكرته المعتمة .
حوراء هي الاخرى كانت تشعر بالخوف من حياتها المقبلة التي بدت لها وكأنها ليست حياتها لا تدري كيف ستواجه جهاد الجديد الذي لايذكرها ولايشعر تجاهها بأيِّ شيء كيف ستكون حياتهما معاً ، الكثير من الاسئلة دارت كدوامةٍ اصابتها بالصداع بأنتظار عودته الى المنزل .
كانت في الغرفة تُعد السرير لجهاد اما امها وايات فقد تولتا اعداد طعام الغداء رن جرس الباب معلناً عن وصولهم فشعرت بقلبها ينبض في حنجرتها ، أسرعت الى الاسفل فتحت باب الصالة واستقبلتهم بابتسامة رسمتها على شفاهٍ مرتجفة رغماً عنها :
_ اهلاً و سهلاً بعودتك ياعزيزي .
ارادت ان تكسر الحاجز الذي ارتفع بينهما ولكن رده حطمَّ آمالها فقد اكتفى بكلمة شكراً باردة اخترقت مسامعها فأصابتها بالجمود .
أما تناول الغداء فقد كان كارثياً ، اكتفى الجميع بالصمت وتبادل نظرات القلق بين الحين وآلاخر ، شعر جهاد بالتوتر يُعاوده وخاف من ردة فعله تجاه هذه الوجوه الغريبة المحيطة به ثم فجاءة و دون سابق انذار هبَّ واقفاً من كرسيه واعلن ببرود :
_ انا متعب جداً اين سأنام ؟
الدهشة التي علت وجوههم جعلته عصبياً جداً فصرخ :
_ ما بكم تحدقون بي هكذا ؟
تقاطر دمع حوراء بصمت نهضت من مكانها بهدوء :
_ دعني أُريك حجرتك .
نظرت الى اهلها بأنكسار واردفت :
_ استميحكم عذراً .
خطت رجلاها الارض خطاً وهي تسير نحو الطابق العلوي يتبعها جهاد بتثاقل .
وضع عامر رأسه بين يديه وظل يحدق الى الطعام الذي امامه شعر بالحزن الشديد فقد آلمه ان يحادثهم جهاد بهذا الشكل الفظيع جهاد الحنون الخلوق :
_ يا الهي ماهذا الاختبار وهل سيطول الحال هكذا ، يارب أرحم قلب أخيتي الرقيق لاطاقة لها على حزنٍ جديد .
كانت امه تبكي فقد شعرت بالمهانة بسبب اسلوب جهاد الفظ :
_ عامر اريد العودة الى منزلي في الحال .
وضعت آيات يدها على يد ام عامر :
_ امي لا تنزعجي ارجوك ، جهاد لايفقه مايفعل لقد قرأت مقالاً عن المصابين بفقدان الذاكرة ، بسبب محاولاتهم الحثيثة للبحث في ظلام ذاكرتهم عن ذكرياتهم الضائعة يصابون بالتوتر والاضطراب ويشعرون بالسخط الشديد ويفقدون رغبتهم في الحديث الى اي احد ، زاد بكاء ام عامر :
_ آه ياطفلتي الصغيرة آه يا حوراء كيف ستتمكن من التواصل معه بعد الان .
فتحت حوراء باب الحجرة ودعته الى الدخول ، نظر حوله وتوجه صوب النافذة المطلة على الحديقة الخلفية للمنزل :
_ مااروعه من منظر .
عاد الامل يداعب فؤداها الحزين عندما اصغت لنبرته الهادئة ، دعت الله في تلك اللحظة ان يمن عليه بالشفاء العاجل .
اغلقت الباب بهدوء وتركته دون ان تنبس ببنت شفة .
اتكئت على الباب المغلق واغمضت عيناها المرهقتين :
_ لن استسلم ياجهاد لن ادع ما اصابك يدمر مابنيناه سويةً ، انت زوجي وحبيبي ولن ادعك تمضي وحيداً وان كان جهدي هذا على حساب عافيتي وانكساري ، لابأس فأنت اهلاً لتضحيتي يامجاهدي الحبيب .
.
#يتبع ..
#ولك_في_انفاسي_سر
#لارواحكم_اكاليل_ورد
✍ #ندى_يعرب
.
🌸 الطريق إلى التوبة 🌸
https://telegram.me/altauba
---------------
https://www.facebook.com/altaubaa

#امــــل
.
#الحلقة 36
.
.
داعبت الشّمس عينا جهاد فتحها بتكاسل ونظر حوله وكالعادة لاشيء يبدو مألوفاً له جال بعينه اركانها المنظمة بدقة وعناية فوقع نظره على صورة معلقة على الجدار بجانب طاولة الزينة ازاح الغطاء ومشى اليها ، ظل محدقاً فدمعت عيناه كانت هذه المرة الاولى منذ الحادث تهلُّ عيناه دمعها .
كان يقف بهيبة وابتسامة ترتسم على شفيته بدا متألقاً ببدلته الرسمية وبجانبه وقفت حوراء كأنها ملائكة بفستانٍ ابيضٍ فضفاض وابتسامة الحياءٍ زادتها جمالاً ، انها صورة زفافهما زادت نبضاته وظل فكره يجول ويجول علَّه يحظى ببصيص نورٍ يقوده الى ذكرى في مكانٍ ما وسط عتمة الذاكرة ولكن مرة اخرى دون جدوى .
مسح دموعه وعاد الى سريره وظل يحدق في السقف .
انا حوراء فقد استيقظت باكراً واخذت تعد طعام الفطور لجهاد كانت رائحة الشاي والخبز الطازج تثير الشهية ، حملت الصينية وتوجهت الى الطابق العلوي سمع جهاد وقع خطواتها في الممر فأغمض عيناه وتظاهر بالنوم ، فتحت الباب و وضعت الصينية على الطاولة بجانب النافذة ازاحت الستائر فملأ ضياء الشمس ارجاء الحجرة جلست على الكرسي ونادته بهدوء :
_ جهاد عزيزي ، جهاد هيا انهض لقد اعددت لك طعام الفطور .
تململ في السرير لم يكن راغباً بالنهوض ولكن رائحة الطعام الزكية داعبت انفه ولم يستطع التظاهر اكثر :
_ أُسعدتَ صباحاً ياعزيزي .
كانت نبراتها الحانية و رقتها تذيب الجليد فشعر بالاطمئنان :
_ أُسعدتِ صباحاً .
تناولا الطعام بصمت ، ثم قررت حوراء كسر حاجز السكون :
_ جهاد .
نظر اليها بعينين جامدتين :
_ نعم .
_ أريدُ منك ان تختار لي اسماً غير اسمي .
_ و لماذا ؟
_ سيكون اسم حوراء بمثابة الاشارة او العلامة .
_ علامة ماذا ؟
_ علامة شفائك ياعزيزي ، انا على يقين بأنك اول ماستتذكره هو اسمي .
نظرت اليه بحنو واردفت :
_ حسناً ، ماذا ستختار ؟
_ لا ادري ، دعيني افكرُ قليلاً .
اخذ يتأملها بفضول كانت شفافة جداً وتعلو وجهها براءةً طغت على ملامحها الرقيقة :
_ نقاء ، هل اعجبك ؟
ابتسمت له بحب :
_ اجل ياعزيزي اعجبني جداً .
كان تأقلم جهاد مع حياته الجديدة يجعله متوتراً اغلب الاحيان ولكن بعد مرور فترة اعتاد على وجود حوراء التي جسدت معاني الحنان والتضحية تحملت اوقاته العصيبة واضطراباته وصراخه وسخطه ، اثار اعجابه صبرها على بروده تارةً وعلى عجرفته وقسوته تارةً اخرى .
اقترب موعد امتحانات الدور الثاني وانشغلت حوراء بالدراسة فخفَّ توترها قليلاً ، وكانت فرصة لجهاد ليستكشف المنزل ويعتاد على حياته معها .
مع حلول فصل الشتاء كان تعافي جهاد طفيفاً ، أخذت ومضات النور تزداد في رأسه كلما نظر الى ركن من اركان منزله . و في عصر احد الايام الباردة وبينما كانت حوراء تفترش الارضية المغطاة بالسجاد الوفير و تهيء الشاي قرب المدفئة خاطبها جهاد :
_ نقاء ، هل لي ان اسألك ؟
اشارت اليه ليجلس معها قرب المدفئة :
_ تعال ياعزيزي واجلس هنا .
قام من الاريكة وجلس قبالتها ناولته كوباً من الشاي مع قطعة من الكيك الذي اعدته ظهراً :
_ يبدو شهياً يانقاء انت ماهرة جداً في اعداد الاطعمة .
_ اشكرك يا عزيزي ، والان هات ما عندك من اسئلة .
تأمل كوب الشاي ثم نظر اليها :
_ اين عائلتي هل عندي اخوة اين والديَّ .
التمعت عيناها ببريق الامل :
_ لا يا عزيزي انت وحيد والديك ، وافاهما الاجل في حادث سير قبل بضعة سنوات كنت معهما ولكنك نجوت بأعجوبة وبأصابات طفيفة وبقيت وحيداً في هذا المنزل الى ان تزوجت بي ، هذا مااخبرتني انت به في فترة خطوبتنا .
_ حسناً وهل لدينا صوراً لاهلي .
اجل اجل لحظات فقط .
قامت مسرعة الى المكتبة الكبيرة التي تتربع في غرفة المعيشة واحضرت منها البوماً كبيراً .
جلست بجانبه واخذت تخبره بتفاصيل الصور كان مليئاً بصوره عندما كان صغيراً وكذلك صوره برفقة والديه وصوره الجامعية .
شعر فجاءة بعاطفةٍ تجيش في صدره وعاد الى محاولته اليائسة في تفتيش اروقة ذاكرته المعتمة ، همس بجزع :
_ نقاء .
اجابته بألم وقد احزنتها نبرته الجزوعة :
_ نعم يا روح نقاء .
_ اشعر بالضياع ، انا كالتائه في صحراء كبيرة ولا يعلم الى اين هو ذاهب اشعر اني وحيداً غريباً .
نظر اليها واردف :
_ ارجو المعذرة يانقاء انت لم تقصري بشيء تحملتِ مزاجي السيء والمضطرب لقد بذلتِ قصارى جهدك خلال الاشهر الماضية ولكن كل هذا لم يخفف عني شعوري بالضياع .
كان دمعها جوابها الوحيد فهي لاتعلم ما عساها تفعل لتعيد لزوجها هويته الضائعة .
.
#يتبع ..
#ولك_في_انفاسي_سر
#لارواحكم_اكاليل_ورد
✍ #ندى_يعرب
.

🌸 الطريق إلى التوبة 🌸
https://telegram.me/altauba
---------------
https://www.facebook.com/altaubaa

#امــــل
.
#الحلقة 37
.
.
كانت آيات تتقلب في سريرها بسبب ركلات صغيرتها وضعت يدها على موضع الركلات وهمست بحنانٍ بالغ :
_ اهدئي ياصغيرتي ما الذي دهاكِ لم يتبقَ سوى القليل وتبصرين نور هذه الدنيا ان شاء الله .
كانت لاتزال تهمس لجنينها عندما اتصل عامر :
_ آيات عزيزتي ، كيف حالك ؟
دمعت عيناها كعادتها كلما اصغت لصوت زوجها الغائب :
_ انا بخير ياعامر كيف حالك انت يا عزيزي ؟
_ انا بخير ولكني متعب قليلاً بسبب استمرار المعارك ، الحمد لله لم يتبقَ الكثير ونحرر هذه الارض المقدسة من دنس المجرمين .
والان اخبريني كيف حال صغيرتي ؟
ضحكت ايات :
_ انها بخير وكأنها تمارس رياضة كرة القدم لا ادري ما الذي اصابها تركل بعنف لا استطيع النوم بسبب ركلاتها القوية .
قهقه بسرور واجابها مازحاً :
_ يالصغيرتي الحبيبة ، آيات تحملين في احشائك ابنة مجاهد ايتها العزيزة توقعي الاسوء .
قهقها معاً ثم ودعها على أمل العودة في موعد ولادتها بعد ثلاثة اسابيع .
كان جهاد جالساً في الحديقة برفقة حوراء يتمتعان بدفء شمس الشتاء الصافية :
_ عزيزي جهاد مارأيك بالذهاب الى اهلي لتناول طعام الغداء برفقة امي وآيات ، يتوقعن عودة عامر الليلة .
_ حسناً لا بأس بذلك .
عندما وصلا وفتحت آيات لهما الباب كانت امها جالسة وسط تل من الملابس الوردية الرائعة فهتفت حوراء بحماسة شديدة :
_ يا الهي ما كل هذا ، انها لصغيرتنا الحبيبة .
جلست بجانب والدتها واخذت تقلب ملابس ابنة اخيها :
_ ياحبيبة عمتك متى اراك ياصغيرتي مااصغرهذه الملابس ، انظر يا جهاد كم هي صغيرة وجميلة .
نظر اليها جهاد والابتسامة تعلو وجهه لحماس زوجته ، فجاءة اغرورقت عيناها بالدموع وقامت من مكانها وذهبت الى المطبخ .
ظل جهاد حائراً ولم يعرف ما الذي دهى زوجته ، تأمل آيات وام عامر كانت علائم الحزن مرتسمة على ملامحهما :
_ ما الذي اصاب حوراء ، كانت قبل قليل فرحة جداً !
نظرت ام عامر اليه بحزن :
_ لا شيء يا عزيزي لا شيء .
سارعت آيات الى لملمة الملابس وحاجات الطفلة والصعود الى حجرتها في الاعلى . عادت حوراء الى الصالة راسمةً على وجهها ابتسامة مصطنعة ، اما امها فقد توجهت الى المطبخ لاعداد الطعام :
_ ارتاحي ياحبيبتي انا في المطبخ لن اتأخر .
_ حسناً يا امي .
ناداها جهاد :
_ نقاء لحظة لو سمحتِ .
_اجل ياعزيزي قادمة .
جلست بجانبه على الاريكة :
_ما الذي اصابك ؟
حكت له قصتهما مع الانجاب كان يصغي لها بأنتباهٍ بالغ وقد شعر بالحزن فقد كانت تتحدث بألم وانكسار :
_ انا اسف يا نقاء .
_ لا تأسف ياعزيزي انها حكمة الله وارادته ، انا فقط لم احتمل عندما شاهدت كل تلك الملابس الجميلة .
عاودت الدموع تملأ مآقيها الحزينة فدعا جهاد في تلك اللحظة ان يلطف بهما.
مساءً وبعد عودته جلس عامر يقص عليهم بطولات المجاهدين في ساحات الوغى ، وكم هي سريعة حركة التحرير بسبب الهمة العالية وروح المقاومة التي يتمتع بها كل من يشارك في هذه المعارك المقدسة ، شعر جهاد بالاضطراب كلما اتى عامر على ذكر كلمات القتال والشهادة والنصر كان الضباب في رأسه يتحرك بعشوائية كلما ارهف السمع لحكايا عامر ، خاف من ردة فعله لذا اشار لحوراء ليغادرا الى منزلهما ففهمت على الفور انه ليس على مايرام فسارعت الى مقاطعة عامر :
_ عزيزي عامر نحن متشوقون لسماع المزيد ولكن تأخر الوقت ويجب ان نعود الى المنزل .
غادرا الى منزلهما بعد ان القيا التحية على عجالة .
_ نقاء ، نقاء اين انت ارجوك تعالي بسرعة .
تناهى صراخ جهاد لمسامع حوراء التي كانت جالسة تتلو دعاء الحزين بعد ان اتمت صلاة الليل :
_ قادمة ياعزيزي .
اسرعت اليه و فتحت باب الحجرة فرأته يتنفس بصعوبة وكأنه خرج لتوه من معركة :
_ جهاد ، ماذا هنالك ياعزيزي تبدو مضطرباً جداً .
تناولتْ القارورة من الطاولة بجانب السرير وسكبت له الماء :
_ خذ ياعزيزي اشرب قليلاً من الماء يبدو انك كنت وسط منام عنيف .
تناول كأس الماء بيد مرتجفة ، جلست على الارض بجانب السرير وامسكت بيده الندية :
_ ماذا رأيت ؟
_ كنت وسط معركة عنيفة والاعداء يحيطون بي من كل جانب قاومتهم ولكنهم تمكنوا مني فضربني احدهم على رأسي و ركلني الاخر في خاصرتي فسقطت ارضاً ، وفجاءة ظهر نور عظيم اعمى ابصار الجميع فأصابهم الرعب وولوا فارين ، ثم أخذ النور يقترب مني شيئاً فشيئاً حتى تكامل بهيئة امرأةٍ فأقشعر بدني وخشعت اوصالي لرؤيتها فاستويت جالساً بصعوبة ثم خاطبتني بصوتٍ مهيب ( ايها المجاهد انك الى خير لا تخف انت بأعيننا ) ثم رمت عقيقةٌ حمراء في حجري واردفت ( حافظ عليها انها هدية ولدي اليك ) .
.
.
#يتبع ..
#ولك_في_انفاسي_سر
#لارواحكم_اكاليل_ورد
✍ #ندى_يعرب
.

🌸 الطريق إلى التوبة 🌸
https://telegram.me/altauba
---------------
https://www.facebook.com/altaubaa

#امــــل
.
#الحلقة 38
.
كان عامر في الحديقة يسقي النباتات ويشذب الاشجار عندما سمع صوت أمه يناديه من المطبخ :
_ عامر يا عامر ، انها آيات ياعامر أسرع علينا نقلها الى المشفى في الحال .
باتت آيات ليلتها تتقلب يميناً ويساراً فقد ارهقتها آلام الطلق وما أن حلَّ الصباح حتى بلغ الالم أوجه .
كانت طوال الطريق تقبض على يد ام عامر وتكتم الالم الذي اخذ يشتد كثيراً :
_ أسرع ياولدي ارجوك انها تتألم .
التفت عامر اليها مطمئناً :
_ نكاد نصل يا عزيزتي تحملي ارجوك قليلاً فقط .
ما ان اتم كلامه حتى رن هاتفه :
_ عزيزي اسعدت صباحاً كيف هي آيات اليوم ، بالامس اصابني القلق لحالها .
_ صباح الخير ، حوراء نحن في طريقنا الى المشفى انها على وشك الولادة ادعي لها يا عزيزتي .
ترقرق الدمع في عيني حوراء :
_ سأوافيكم في الحال يانور عيني .
اغلقت الخط واسرعت الى جهاد :
_ جهاد ، آيات في المشفى يتوجب عليَّ الذهاب الان .
تردد قليلاً :
_ نقاء ، هل بأمكاني الذهاب معك ؟
_ بالتأكيد ياجهاد .
كان الجميع ينتظر عند باب غرفة الولادة وماهي الا دقائق وتعالت صرخات مكتومة اعلنت عن وفود المولدة الجديدة تعالت اصوات الحاضرين بالصلوات والضحكات والبكاء عندما خرجت الممرضة تحمل بين ذراعيها طفلة عامر وآيات :
_ اين الوالد .
هتفت والدته ودموع الفرح تملأ وجهها :
_ هاهو ولدي عامر .
نظرت اليه الممرضة :
_ انها فتاة جميلة جداً ، والدتها بصحة جيدة يتوجب عليكم الانتظار قليلاً وسنحضرها الى غرفتها بعد ساعة ، هل اتفقتما على اسمها ؟
كانت عامر ينظر الى طفلته بانبهار ولسانه يلهج بالحمد والثناء لهذه النعمة ، اجابها :
_ لا ، سأنتظر امها وبعدها نخبركم .
_ حسناً اذاً سآخذها الى الحاضنة الان .
مع انشغال الجميع بالمولودة لم يلتفت احد الى ان جهاد كان يعاني اضطراباً شديداً فما ان تناهى الى مسامعه صوت صراخ الطفلة ومنظر الممرضة وهي تقف عند الباب حتى بدء الضباب ينقشع بسرعة البرق من رأسه وصفت سماء مخيلته وتسارعت الاحداث فيها وازدادت ومضات النور واضاءت عتمة ذاكرته وعادت به الى ذلك اليوم الذي علم فيه بعدم مقدرة حوراء على الانجاب ، حوراء أجل حوراء اين انت يا حبيبتي ياحوراء احس بالاختناق ولم يستطع كتم صرخة الفرح التي تعالى هتافها :
_ حوراء حوراء اين انت ؟
لم تصدق حوراء اذنيها كانت تهنئ اخيها عندما سمعت هتاف جهاد التفتت اليه فوجدته ملقىً على الارض مغمض العينين شاحب الوجه .
.
.
#يتبع ..
#ولك_في_انفاسي_سر
#لارواحكم_اكاليل_ورد
✍ #ندى_يعرب
.

🌸 الطريق إلى التوبة 🌸
https://telegram.me/altauba
---------------
https://www.facebook.com/altaubaa

#امــــل
.
#الحلقة 39
.
كانت الايام التي تلت شفاء جهاد اياماً وصفتها حوراء ذات يوم بالنقاهة :
_ اشعر بأننا نحيا فترة نقاهة ياجهاد كل هذه الالطاف التي احاطنا بها الله في يومٍ واحد ! لا اقوى على تحمل كل هذا الفرح ، في لحظة شعرت بأن قلبي يوشك على التوقف فقد بلغت خفقاته مداها وانا اسمع صوتك يردد اسمي في المشفى .
لم تستطع اتمام كلامها عندما تذكرت ما حصل قبل ايام فاختنقت بدمعها و غطت وجهها بيديها وبكت بحرقة ، كانت لاتزال تحت تأثير الصدمة فهي لم تصدق حتى الان ان زوجها تماثل للشفاء .
_ حوراء ، عزيزتي انا هنا الان ارجوك اهدئي .
ناولها منديلاً ورقياً :
_ امسحي دموعك ايتها المجاهدة الصابرة كفاك بكاءً ، اتلف الدمع نَظارة عينيك الجميلتين آن الاوان ان تودعي محطة الاحزان وتبدئي رحلتك القادمة نحو الراحة والطمأنينة .
صمت قليلاً ثم همس بألم :
_ سامحيني يا نور قلبي ورفيقة دربي سامحيني ايتها الحبيبة الوفية .
نظرت اليه بعين المحبة :
_ جهاد أرجوك ياعزيزي لاتطلب السماح ، انت زوجي ومجاهدي وكان يتوجب عليَّ ان اصبر واتحمل حتى تتماثل للشفاء .
رمقها بنظرةٌ طويلة تحمل في طياتها الكثير من الوعود بالسعادة .
ابتسمت بفرح عندما تذكرت ابنة أخيها :
_ جهاد لابد ان نذهب اليوم لنبتاع هدية لأمل .
اطلق عامر على ابنته هذا الاسم بعد ان تجسد الامل في شفاء جهاد يوم ولادتها و الذي اعتبره الجميع يوماً لولادة الامل من جديد .
كانت حوراء تراقب جهاد وهو يحمل أمل بين ذراعيه وينظر اليها بشغف ، دمعت عيناها وشعرت بالاحباط يصيبها من جديد ولكنها كعادتها اخفت ماتشعر به عن الجميع و عاودتها موجة الغثيان من جديد:
_ حبيبتي حوراء انت شاحبة جداً .
_ لا ادري يا امي منذ ايام وانا اعاني غثياناً ارهقني ، اظن ان ماحدث خلال الايام الماضية اصابني بالاعياء .
امعنت امها النظرفي وجهها :
_ حوراء تقولين منذ ايام وانت تعانين من الغثيان ؟
_ أجل يا امي .
_ حوراء مارأيك بزيارة الطبيبة غداً ؟
_ لماذا يا امي انه مجرد اعياء بسبب مامررت به ، لا تقلقي ارجوك انا بخير .
_ حوراء الغثيان ليس علامةً للاعياء انه علامة للحمل ياحبيبتي .
فغرت حوراء فمها :
_ امي ماذا تقولين ؟
_ حبيبتي لطف الله اوسع من ادراكنا وحكمته خفية ، هل يصعب عليه ان يجازيك على صبرك وتحملك ؟!
داعب الامل قلبها واحست بشعور غريب وفجاءة تذكرت منام جهاد والعقيقة الحمراء هل يعقل ان تكون هذه العقيقة هدية الامام الحسين لهما ؟!!

#يتبع_انتظرونا
#نقترب_من_النهاية
.
#ولك_في_انفاسي_سر
#لارواحكم_اكاليل_ورد
✍ #ندى_يعرب
.

🌸 الطريق إلى التوبة 🌸
https://telegram.me/altauba
---------------
https://www.facebook.com/altaubaa

#في_رحاب_النصر
#اهداء_للمجاهدين

#امــــل ..
.
#الحلقة 40 والاخيرة
_____________
نظر عامر لجهاد الذي بدت ملامح القلق جليةً على وجهه المضطرب :
_ جهاد ، أهدأْ ارجوك نكاد نصل .
_ أنا احاول ان أهدأ ياعامر ولكن الامر خارج عن ارادتي .
كانا في طريق عودتهما من الجبهة بعد ان تم تحرير الارض واعلان النصر .
_ اعلم ياعزيزي ولكن لا تخف ستكون حوراء بخير صدقني .
_ ارجو ذلك ياعامر انا ادعو الله ان يتم هذا الامر على خير ، لا اصدق اني اخيراً سأحمل طفلي بين يدي هاتين .
لم يتحمل اكثر وانحدرت من عينه دمعة فرح خاطفة .
لم يصدق احد ماحدث فبعد اصرار والدتها راجعت حوراء ذات الطبيبة التي اخبرتها يوماً انها عقيمة ولن تحظى بأطفال بتاتاً :
_ اكاد لا اصدق ياحوراء نتيجة التحاليل ايجابية ، لقد كانت نسبة الحمل صفر بالمئة يا حوراء .
اجابتها حوراء المصدومة :
_ هل سأحظى بطفل ؟
_ أجل ياحوراء ستصبحين أماً .
بعد وصولهما للمشفى سارع جهاد الى حيث صالة الولادة فوجد ام عامر تقف بقلق عند الباب :
_ ولدي جهاد ، حمداً لله على سلامتك اين عامر ؟
_ شكراً يا خالتي سيحضر في الحال ، كيف حال حوراء هل هي بخير ؟
_ اخبرتني الطبيبة انها بخير لا تقلق ياعزيزي .
حضر عامر بعد دقائق واحتضن والدته :
_ كيف حالك ياأمي ؟
_ أنا بخير يا حبيبي ، وانت كيف حالك ؟
_ ومن يكون اسعد مني حررنا ارضنا وعدنا منتصرين واليوم اشهد ولادة طفل اختي واخي جهاد من يكون اسعد مني ياامي الحبيبة .
بكى جهاد لكلمات عامر المؤثرة واحتضن عامر بقوة :
_ لا ادري ما كنت افعل لولا وجودك معي ياعامر ، اشكرك يااخي اشكرك .
_ جهاد انت اخي ورفيق الجهاد لاتشكرني ياعزيزي .
قاطع حديثهما صوت صرير باب الصالة و خروج الطبيبة :
_ اين زوج حوراء ؟
اجابها جهاد :
_ انا زوجها ، هل حوراء بخير ؟
_ احتاج لتوقع بعض الاوراق .
اضطرب جهاد و خفق قلبه بقوة :
_ ماذا يجري هل حوراء بخير ؟
_ لا تقلق انها بخير ولكن نحتاج منك الاذن لاجراء عملية قيصرية ، الطفل في حالة حرجة فقد التف الحبل السري حول عنقه ويجب اجراء العملية على الفور .
صرخت ام عامر بخوف :
_ يا الهي ، لطفك يا الله .
شحب وجه جهاد من الخوف والقلق :
_ حسناً ، اسرعي ارجوك .
بعد مرور ساعة قضاها جهاد بالبكاء والدعاء خرجت الطبيبة ترافقها الممرضة فأسرعوا اليها :
_ هل زوجتي بخير ؟
_ حوراء بخير ، ولكن الطفل في حالةٍ حرجة وضعه الطبيب المختص تحت الملاحظة هذه الليلة و لن تتمكنوا من رؤيته حتى يوم غد .
ترنح جهاد فسارع عامر الى اسناده :
_ ظننت اني سأحمله بين يدي اليوم .
_عزيزي جهاد لقد صبرت كثيراً ، تحمل قليلاً ارجوك .
_ متى سأرى زوجتي ؟
اجابته الممرضة :
_ انها تحت تأثير المخدر الان ، عليكم الانتظار حتى تستعيد وعيها ، خصصنا لها حجرة لانها ستبيت الليلة هنا سأرافقكم اليها.
ظل الجميع ينتظر بقلق نقل حوراء الى الحجرة ، وبعد مرور نصف ساعة كانت حوراء في حجرتها تأن الماً :
_ جهاد جهاد ، طفلي اين طفلي ؟
_ انا هنا ياعزيزتي ، لقد رزقنا بطفلٍ وسيم ايتها الحبيبة واخيراً اصبحتِ اماً يا حوراء .
امسك بيدها و وضع رأسه على جانب السرير واخذ يبكي بحرقة وقلبه يلهج بالدعاء :
_ الهي لاتذرني فرداً وانت خيرُ الوارثين .
حضرت الممرضة واعطت لحوراء مهدئ غرقت بعده في نومٍ عميق :
_ نظام المشفى يسمح بمبيت مرافق واحد فقط مع المريض .
_ سأبيت معها الليلة ، انها ابنتي ولا استطيع تركها .
اجابها جهاد :
_ خالتي انت متعبة جداً و عامر كذلك وآيات تنتظره في المنزل ، ارجوك عودي معه لترتاحي قليلاً واعدك ان اتصل واطمئنك .
_ جهاد محق يا امي انت مرهقة و اخشى ان تصابي بالاعياء .
رضخت لهما وغادرت برفقة ولدها بعد ان وعدها ان يحضرها في الصباح الباكر .
مساءً حضرت الطبيبة ترافقها الممرضة لمتابعة حالة حوراء ، كان جهاد قد انهى لتوه صلاة العشاءين وجلس بقرب زوجته التي استقرت حالتها بفعل المسكنات :
_ كيف حالك الان ؟
_ انا بخير ولكني قلقة على طفلي متى سأراه ؟
رمقت الطبيبة جهاد بنظرة تساؤل فعلمت انه لم يخبر حوراء بحالة الطفل :
_ حسناً ياحوراء سترينه قريباً لايزال في الحاضنة ، بالمناسبة هل اخترتما له اسماً ؟
نطقا في آنٍ واحد :
_ حسين .
قضى جهاد ليلته على الكرسي الذي بجانب سرير حوراء ، وعند الفجر اخذه التعب بسبب السهر فغفى على حافة السرير وما لبث ان تناهى الى مسامعه صوتاً يشبه مواء القطط ، فتح عيناه فرأى الممرضة تجر عربة طفلهما وتدخلها الى الحجرة :
_ يارباه ، هل هو بخير ، اخبريني ارجوك ؟
اجابته الممرضة بابتسامة :
_ اجل انه بخير لاتقلق لقد تحسن حاله بعد وضع الاوكسجين ، انه وسيم جداً يبدو كوالدته تماماً .
فتحت حوراء عينان مرهقتان فخاطبتها الممرضة :
_ هيا ايتها الام الحنون قومي لتشاهدي طفلك الجميل .