#قصة قصيرة (مستوحاة من قصة حقيقية)
عاد "محمود" من عمله متعبا، فتح الباب ودخل، كانت زوجته "هدى" في المطبخ، خلع حذاءه وجلس ليرتاح قليلا، لحظات وأتت هدى وما إن رأته حتى صاحت في وجهه: - كم مرة قلت لك لا تخلع حذاءك النتن هنا! ولماذا جلست بهذه الثياب القذرة على الأريكة؟ وكأنك أنت من تنظف! عبثا الكلام معك، سئمت هذه الحياة معك!
قام من مكانه منتفضا، صاح في وجهها وهو يشتاط غضبا: - أنت وأبوك القذران! حمل الحذاء ورماه في وجهها ! ثم توجه الى غرفة النوم وأغلق الباب بقوة وصوته يعلو بالشتائم والسباب!
استحم وبدل ملابسه، هدأ غضبه، إستلقى على السرير، أراد أن ينام قليلا، لكن هدى بقيت تردد عبارات اللوم والتقبيح، عندها هب محمود من فراشه، أسرع إلى زوجته كالمجنون وانهال عليها بالضرب المبرح، حينها بدأ طفلاه الصغيران بالبكاء وهما يرتعدان من الخوف والإرتعاب!
فصرخ في وجههما : - الحق عليها! أمكما سافلة خبيثة ! إخرسا وإلا سأضربكما كما ضربتها!
محمود ليس كما خيل لكم، شخصا فاسقا، بل هو شخص بارز له مكانته في قريته، معروف بإيمانه وإلتزامه ويحافظ على صلاته في المسجد، ذائع الصيت بكرمه، وإحسانه للفقراء والمساكين، وحريص أن يذهب كل عام أكثر من مرة لزيارة العتبات المقدسة في العراق وإيران... لكنه يعاني من آفة خطيرة، هي #سرعة_الغضب !
لا ينحصر اللوم على محمود وحده، فزوجته أيضاً سيئة الخلق وكثيرة التذمر، لكن هذا لا يعطي الحق لمحمود بالإنفعال بهذا الشكل الجنوني المؤذي والظالم !
في تلك اللحظات كان محمود المؤمن الملتزم يسلم رقبته لإبليس العدو الماكر كي يعبث به كيف يشاء! محمود لم يكن يغضب بسبب إستفزاز زوجته فقط، بل حتى في حياته وعمله تسبب غضبه بإلحاق الأذى بكثير من المؤمنين.
كان يعمل لدى محمود فتى يتيما يبلغ من العمر ثلاثة عشر عاما، يعيل أمه وأخويه الصغيرين بعد وفاة أبيه، وقد قبل محمود توظيفه مراعاة لفقره ومساهمة منه في تأمين حياة كريمة لعائلته. لكن لضعف جسده ونحافته تسبب ذات مرة في تلف وتكسير بعض البضاعة الثمينة، عندها اجتاحت محمود موجة الغضب الجنوني، فصفع الصبي المسكين على وجهه، صارخا في وجهه: - أيها الفاشل هل أباك من سيدفع لي ثمن البضاعة ؟! ألا يكفي أني وظفتك عندي رغم غبائك وقلة حيلتك ؟! اغرب عن وجهي لا حاجة لي بك بعد اليوم !
في لحظة غضب قهر محمود يتيما، بل بفعله المشين حرم عائلة مسكينة من لقمة عيشها .
بعد نوبات الغضب يلوم محمود نفسه على بعض القرارات المتسرعة، لكن سرعان ما تسكن نفسه اللوامة ويعود لسابق عهده، فهو لم يحاول إصلاح هذا الذنب الخطير الذي وصفه الإمام الصادق (عليه السلام) بأنه جمرة من الشيطان تتوقد في قلب ابن آدم .
~°•○•°~°•○•°~°•○•°~ه
ذات يوم كانت البلدية تقوم بأعمال الحفر وصيانة البنى التحتية في جوار منزل محمود .
وقد باشرت البلدية بأعمالها منذ ساعات الفجر الأولى ، إستيقظ محمود كالمجنون على صوت آلات الحفر، إنتابه غضب شديد خرج كالمجنون إلى الشرفة، وصاح بصوت صاخب : - الآن ؟! قبل طلوع الشمس والناس نيام !
تشاجر معهم وإنهال عليهم بالشتائم ثم دخل بسرعة كالفاقد عقله، توجه إلى الخزانة وسحب سلاحا كان يحتفظ به منذ أيام الحرب وجهاده ، ثم عاد إلى الشرفة وقد احمرت عيناه وانتفخت أوداجه، وإذا به يطلق الرصاص عشوائيا على العمال وبالأخص ذاك العامل الشاب الذي كان يقود آلة الحفر ولم يتجاوز عمره العشرين سنة!
عندئذ، اجتمع الجيران على صوت الرصاص، وإستيقظت هدى وولديها مرعوبين، وعلا صوت النحيب والصراخ، ووصل الإسعاف يتبعه موكب من الشرطة .
وقد أسفر هذا العمل الشيطاني عن موت الشاب العشريني وجرح بعض العمال، وحكم محمود بالسجن المؤبد، أما عائلته تشتت فالأم هدى بدأت بالعمل كحاجبة في إحدى المدارس و أصبح الولدان يتيمين بغياب والدهما .
أما محمود، فقد عانى كثيرا في السجن لسوء حالته النفسية، يحدث نفسه معظم الوقت بألم ولوعة وحسرة : - ما الذي جنته يداي؟! لا أصدق أني قتلت إنسانا بريئا فقط لإنزعاجي من الصوت ! إلى أين أوصلني غضبي ؟! أنا المتدين الذي يخاف ربه بات اليوم مجرما ! واحسرتاه !
《 الغضب نار موقدة، من كظمه أطفأها، ومن أطلقه كان أول محترق بها 》- الإمام علي (عليه السلام)
#خادمة_الحجة
#أربعينية_ترك_الذنوب
🌸 قناة الطريق إلى التوبة 🌸
https://telegram.me/altauba
---------------
https://www.facebook.com/altaubaa
عاد "محمود" من عمله متعبا، فتح الباب ودخل، كانت زوجته "هدى" في المطبخ، خلع حذاءه وجلس ليرتاح قليلا، لحظات وأتت هدى وما إن رأته حتى صاحت في وجهه: - كم مرة قلت لك لا تخلع حذاءك النتن هنا! ولماذا جلست بهذه الثياب القذرة على الأريكة؟ وكأنك أنت من تنظف! عبثا الكلام معك، سئمت هذه الحياة معك!
قام من مكانه منتفضا، صاح في وجهها وهو يشتاط غضبا: - أنت وأبوك القذران! حمل الحذاء ورماه في وجهها ! ثم توجه الى غرفة النوم وأغلق الباب بقوة وصوته يعلو بالشتائم والسباب!
استحم وبدل ملابسه، هدأ غضبه، إستلقى على السرير، أراد أن ينام قليلا، لكن هدى بقيت تردد عبارات اللوم والتقبيح، عندها هب محمود من فراشه، أسرع إلى زوجته كالمجنون وانهال عليها بالضرب المبرح، حينها بدأ طفلاه الصغيران بالبكاء وهما يرتعدان من الخوف والإرتعاب!
فصرخ في وجههما : - الحق عليها! أمكما سافلة خبيثة ! إخرسا وإلا سأضربكما كما ضربتها!
محمود ليس كما خيل لكم، شخصا فاسقا، بل هو شخص بارز له مكانته في قريته، معروف بإيمانه وإلتزامه ويحافظ على صلاته في المسجد، ذائع الصيت بكرمه، وإحسانه للفقراء والمساكين، وحريص أن يذهب كل عام أكثر من مرة لزيارة العتبات المقدسة في العراق وإيران... لكنه يعاني من آفة خطيرة، هي #سرعة_الغضب !
لا ينحصر اللوم على محمود وحده، فزوجته أيضاً سيئة الخلق وكثيرة التذمر، لكن هذا لا يعطي الحق لمحمود بالإنفعال بهذا الشكل الجنوني المؤذي والظالم !
في تلك اللحظات كان محمود المؤمن الملتزم يسلم رقبته لإبليس العدو الماكر كي يعبث به كيف يشاء! محمود لم يكن يغضب بسبب إستفزاز زوجته فقط، بل حتى في حياته وعمله تسبب غضبه بإلحاق الأذى بكثير من المؤمنين.
كان يعمل لدى محمود فتى يتيما يبلغ من العمر ثلاثة عشر عاما، يعيل أمه وأخويه الصغيرين بعد وفاة أبيه، وقد قبل محمود توظيفه مراعاة لفقره ومساهمة منه في تأمين حياة كريمة لعائلته. لكن لضعف جسده ونحافته تسبب ذات مرة في تلف وتكسير بعض البضاعة الثمينة، عندها اجتاحت محمود موجة الغضب الجنوني، فصفع الصبي المسكين على وجهه، صارخا في وجهه: - أيها الفاشل هل أباك من سيدفع لي ثمن البضاعة ؟! ألا يكفي أني وظفتك عندي رغم غبائك وقلة حيلتك ؟! اغرب عن وجهي لا حاجة لي بك بعد اليوم !
في لحظة غضب قهر محمود يتيما، بل بفعله المشين حرم عائلة مسكينة من لقمة عيشها .
بعد نوبات الغضب يلوم محمود نفسه على بعض القرارات المتسرعة، لكن سرعان ما تسكن نفسه اللوامة ويعود لسابق عهده، فهو لم يحاول إصلاح هذا الذنب الخطير الذي وصفه الإمام الصادق (عليه السلام) بأنه جمرة من الشيطان تتوقد في قلب ابن آدم .
~°•○•°~°•○•°~°•○•°~ه
ذات يوم كانت البلدية تقوم بأعمال الحفر وصيانة البنى التحتية في جوار منزل محمود .
وقد باشرت البلدية بأعمالها منذ ساعات الفجر الأولى ، إستيقظ محمود كالمجنون على صوت آلات الحفر، إنتابه غضب شديد خرج كالمجنون إلى الشرفة، وصاح بصوت صاخب : - الآن ؟! قبل طلوع الشمس والناس نيام !
تشاجر معهم وإنهال عليهم بالشتائم ثم دخل بسرعة كالفاقد عقله، توجه إلى الخزانة وسحب سلاحا كان يحتفظ به منذ أيام الحرب وجهاده ، ثم عاد إلى الشرفة وقد احمرت عيناه وانتفخت أوداجه، وإذا به يطلق الرصاص عشوائيا على العمال وبالأخص ذاك العامل الشاب الذي كان يقود آلة الحفر ولم يتجاوز عمره العشرين سنة!
عندئذ، اجتمع الجيران على صوت الرصاص، وإستيقظت هدى وولديها مرعوبين، وعلا صوت النحيب والصراخ، ووصل الإسعاف يتبعه موكب من الشرطة .
وقد أسفر هذا العمل الشيطاني عن موت الشاب العشريني وجرح بعض العمال، وحكم محمود بالسجن المؤبد، أما عائلته تشتت فالأم هدى بدأت بالعمل كحاجبة في إحدى المدارس و أصبح الولدان يتيمين بغياب والدهما .
أما محمود، فقد عانى كثيرا في السجن لسوء حالته النفسية، يحدث نفسه معظم الوقت بألم ولوعة وحسرة : - ما الذي جنته يداي؟! لا أصدق أني قتلت إنسانا بريئا فقط لإنزعاجي من الصوت ! إلى أين أوصلني غضبي ؟! أنا المتدين الذي يخاف ربه بات اليوم مجرما ! واحسرتاه !
《 الغضب نار موقدة، من كظمه أطفأها، ومن أطلقه كان أول محترق بها 》- الإمام علي (عليه السلام)
#خادمة_الحجة
#أربعينية_ترك_الذنوب
🌸 قناة الطريق إلى التوبة 🌸
https://telegram.me/altauba
---------------
https://www.facebook.com/altaubaa