الطريق إلى التوبة
6.03K subscribers
10.2K photos
388 videos
243 files
5.34K links
قد تركتُ الكُلَّ ربّي ماعداك
ليس لي في غربةِ العمر سِواك...
حيثُ ما أنتَ فـ أفكاري هُناك..
قلبي الخفاقُ أضحۍ مضجعك..
في حنايا صدري أُخفي موضعك..

اي استفسار او ملاحظة ارسلها حصرا على هذا البوت

@altaubaa_bot

فهرس القناة
https://t.me/fhras_altauba
Download Telegram
الطريق إلى التوبة
Photo
#الإيمان_والحب
الفصل الاول
رويدة الدعمي
.
كان منتظر جالساً في غرفته يطالع في أحد الكتب عندما دخل عليه والده وقد بدت علامات الحزن والإكتآب عليه ، فبادر الابن أباه بالسؤال :
- مالي أراك شاحباً ومُستاءاً هكذا يا والدي العزيز ؟
- آه يا بُني .. إنني قلق جداً على صاحبي حامد .
- وما بهِ يا أبتي ؟
- أنت تعلم إنهُ ليس لهُ أحد سوى ابنتهِ الوحيدة ( ملاذ ) إذ إن زوجته قد ماتت أثناء الولادة .. وبعد عشرين عاماً مضت يأتي الطبيب الآن ليؤكد لهُ إن ابنتهُ الوحيدة قد تفقد حياتها قريباً بسبب تعطّل عمل إحدى كليتيها وضعف عمل الأخرى !
أغلق منتظر الكتاب الذي كان بيده ونهض من مكانهِ متسائلاً :
- وماذا سيفعل الآن ؟
- لا أعرف يا منتظر ... إن حالتهُ يُرثى لها ، حتى إنني قبل ساعة من الآن كنت عندهُ في المنزل ووصل الأمر إلى إنهُ بكى وطلب مني أن أساعدهُ بأي شكل من الأشكال !
- وكيف يمكننا أن نساعدهُ يا أبتاه ؟
- لا أعرف حقاً يا بُني .. الأمر يُقلقني كثيراً وأشعر أن رأسي توقف عن التفكير !
- وما رأي الطبيب في أمرها ؟ أعني هل إن هناك أمل في أن تعيش هذه الفتاة ؟
- نعم .. في حالةٍ واحدة ، وهي أن تُرفع الكلية المعطلة وتُبدّل الأخرى الضعيفة بواحدةٍ سليمة ، وهذا يعني إنهُ يجب أن يكون هناك شخص متبرع بكليته !
مشى منتظر قليلاً ثم التفت نحو أبيه وقال :
- سأكون أنا ذلك المتبرع !
- ماذا !؟ لكن يا بُني .. ما الذي تقوله ؟ أنت مازلت شاباً و ......
قاطعهُ منتظر قائلاً :
- ولأنني شاب إذن فأنا أملك القوّة والحيوية التي تمكنني من العيش بكلية واحدة كما ستعيش تلك الفتاة إن شاء الله .
- لكن يا بُني .. إذا كنت تستطيع إقناعي بهذا الكلام فهل ستُقنع والدتكَ بهِ !؟
- اترك هذا الأمر لي يا أبا منتظر ! سيكون كل شيء على ما يرام بإذنه تعالى .
وفي الصباح كانت أسرة الحاج أبو منتظر قد اجتمعت حول تلك المائدة المتواضعة وبينما كانت الأم تصب الشاي في الأكواب صار زوجها يسرد لها قصة زميله المسكين وحالة ابنتهِ المريضة .. بدأت أم منتظر بالتفاعل مع حالة تلك الفتاة خاصة إنها قد ذهبت لزيارتها ورؤيتها عدّة مرات خلال زيارات الأب – أبي منتظر – الى بيت صاحبه أبي ملاذ .
توقفت عن صب الشاي وصارت تمسح دموعها التي حاولت جاهدةً أن تُخفيها لكنها لم تستطع ... لقد كانت مُرهفة الإحساس وذات قلب رقيق وحسّاس جداً وكان منتظر يشابه والدته كثيراً في هذه الصفة بالذات .
استغل منتظر تفاعل والدته مع قضية ملاذ فبادرها قائلاً :
- وأنا سأكون المتبرع يا أم منتظر !
- ماذا ... ما الذي تقولهُ يا ولدي ؟
- وهل أترك الفتاة تموت هكذا يا أماه .. ! ومن ثم إنني بصحةٍ تامة وعالية ولا أظن ان التبرع بإحدى كليتي سيؤثر عليَّ بالدرجة التي تخيفك هكذا .. !
حاولت الأم ولتعلقها الكبير بمنتظر أن تثنيه عما عزم عليه محاولةً
إقناعهُ بأن الله لن يترك هذه الفتاة وسيرسل لها من يساعدها .
قال منتظر :
- ولماذا لا أكون أنا من أرسلهُ الله لإنقاذ تلك الفتاة ؟
ثم ما كان منه إلا أن أكمل كلامهُ بمزيد من الثقة بالنفس :
- إذا سمح لكِ قلبك وضميركِ يا أُماه على ترك الفتاة المسكينة ووالدها بهذهِ الشدّة فإنني لا يسمح الدين الذي ربيتماني عليه ولا الأخلاق التي زرعتماها فيّ أن أترك رجلاً مسلماً يغوص في بحر القلق والحيرة هكذا وأنا أقف لأتفرج !
هنا أطرقت الأم برأسها إلى الأرض ثم نظرت إلى ابنها وقالت :
- إمضِ بما عزمت عليه يا ولدي ، وليحفظك الله أنت وتلك الفتاة .
إتجّه الأب مسرعاً نحو جهاز الهاتف ليزف البشرى لصاحبه ، وفعلاً أخبرهُ بالأمر وبما عزم عليه ولدهُ الأكبر منتظر ، وأخذ موعد لزيارته هو وابنه للإتفاق على الأمور القادمة .
كان الرجل وابنته قد هيّئا نفسيهما لاستقبال الضيفين وكانت ملاذ تنظر إلى الساعة بترقب ، سألت والدها قائلة :
- هل إنك متأكد يا أبي إن الأمر كما شرحتهُ لي .. ؟ ألا يمكن أن تكون قد فهمت قصدهُ خطأً .. ؟!
- ماذا تقولين يا ملاذ .. صدّقيني إنهُ قال إن ابنهُ منتظر قد عزم على
التبرع بكليته وسيأتي ليقول لكِ ذلك بنفسه .
- لكن يا أبي .. إن ذلك الشاب لم يَرَني يوماً ، فمن أين عرفني وصار لديه ذلك العزم على مساعدتي ؟
تبسّم الأب ثم قال :
- وهل المساعدة تحتاج إلى أن يراك وتريه ؟ هل يريد أن يخطبكِ أم يساعدكِ يا فتاة !
ضحك الإثنان وقطع ضحكهما صوت طرقة خفيفة على الباب ، اتجهّت ملاذ بسرعة لفتحها ..
- آه .. أهلاً بالعم .. تفضل !
بادلها ابو منتظر السلام ودخل إلى البيت أما منتظر فقد كان يسير خلف أبيه بعد أن ألقى التحية على ملاذ التي شيّعته بنظرها إلى أن دخل إلى غرفة الضيوف حيث كان والدها ينتظرهما .
تسمّرت ملاذ في مكانها عند الباب الرئيسي للدار وهي تُحاكي نفسها :
- ما الذي يدفع هذا الشاب الوسيم بأن يُضحّي بحياته وشبابه من أجلي ؟!
في حقيقة الأمر كان منتظر شاباً ملتزماً ووقوراً حيث أنهُ تربى في أحضان والديه الذين
#الإيمان_والحب
الفصل الثاني
رويدة الدعمي

جاء اليوم الذي يشدُّ فيه منتظر الرحال مع والدهِ إلى المدينة المجاورة لمدينتهم حيث ستجرى العملية هناك ، وها هي الأم الحنون تشدُّ على يدي ولدها بيدين مرتجفتين وعينين باكيتين وهي تردد :
ـ ولدي الغالي .. سأدعو الله بأن يعيدك لنا بالسلامة .
حاول منتظر أن يُهَّدئ من روع والدته وذكرّها بالآية الكريمة ( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ) ، وهنا بكت الوالدة بصوت عالِ
وهي تحتضن ولدها وتوصي زوجها به وكأنهُ طفلٌ صغير سيفارقها لأول مرة ...!
استقلَّ الاثنان سيارة الأجرة لتُقلّهما إلى منزل أبي ملاذ ، وهناك وجداه هو وابنته على أتم الاستعداد للسفر وفعلاً أتجه الأربعة نحو مكان وقوف السيارات الكبيرة الخاصة بنقل المسافرين إلى المدن الأخرى .
وبعد أن اتخذّ كل منهم مكانهُ في تلك السيارة التي ستتجه بهم إلى المدينة المنشودة كان منتظر قد أخرج كتاباً ـ كالعادة ـ ليقرأهُ بدل أن يقضي وقتهُ هذا هباءاً ، حيث إنهُ لم يعتد على تضييع هكذا فرصة سواء أكان في سيارة صغيرة أو كبيرة أو في قطار ، فإن أنيسهُ في الطريق سيكون الكتاب .
كان والدهُ ووالد ملاذ مشغولان في الحديث أما ملاذ فمكانها كان مقابل للمكان الذي جلس فيه منتظر مما هيّأ لها فرصة النظر إليه طوال الطريق !
فكلما رفع منتظر بصرهُ وجدها ترمقهُ بنظرات تجعل دقّات قلبه تتزايد ويديه ترتجفان !
خاطب نفسهُ قائلاً :
ـ كيف بكَ يا منتظر مع هذا المأزق وكيف ستُخرج نفسك منه ؟!
تحوّل المأزق بعد قليل إلى مشكلة كبيرة عندما أحسَّ منتظر بأن الشيطان بدأ يجول في المكان الذي يجلس فيه الاثنان أي هو وملاذ وإن الأخيرة لا مانع لديها من أن تبقى ترمقهُ بنظراتٍ محرمة طيلة الساعات الباقية من الطريق ! توّسل إلى الله أن يعطيه فكرة تجعلهُ يتخلص مما هو فيه بدون أن يشعر والده ووالد ملاذ بأي شيء ..
فهو لا يستطيع أن يكلمها أو يسألها عن نظراتها تلك ووالدهُ ووالدها
يجلسان بقربهما وقد شغلهما الحديث عن ما يدور حولهما !!
وهنا ـ وبعد التوسل بالله سبحانه وتعالى ـ قفزت إلى رأسهِ فكرة نافعة وغريبة في نفس الوقت .
فتح حقيبة سفره ومدّ يدهُ إليها فأخرج منها ورقة وقلم وبدأ يكتب وملاذ تنظر إليه غير مبالية ..
بعد أن انتهى من الكتابة طوى الورقة ثم سلّمها إيّاها قائلاً :
ـ إنظري إلى خطّي .. ألا أصلح أن أكون خطّاطاً ماهراً !؟
ابتسمت ملاذ ومدّت يدها لتأخذ الورقة ، وبدون أن تنتظر فتحتها وبدأت تقرأ :
بسم الله الرحمن الرحيم
أرجوكِ يا ملاذ ..
تذكري بأنكِ فتاة وبأنني شاب ومهما تكن طبيعة نظراتك هذه لي فإنها أمام الله تعتبر " محرَّمة " لأنه من واجبكِ الشرعي أن تغضّي البصر حتى لا تدعي للشيطان أي طريق يدخل منه .
وأخيراً تذكري قوله تعالى : (( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن )) أخوك المخلص
منتظر
لم تعد ملاذ قادرةً على رفع بصرها من على الورقة بعد أن قرأت تلك الكلمات ، لقد شعرت قبل كل شيء بأن كرامتها قد جُرحت على يد ذلك الشاب وبأنها الآن ذليلةً أمامهُ .
نعم .. فلقد كانت ملاذ ولأول مرة تسمع مثل هذا الكلام بل ولأول مرة تطرق أسماعها تلك الآية ! حيث لا والدٌ حريص وملتزم ولا أمٌ مربية ومرشدة ولا صديقة ناصحة ، كل الذي تعرفه من هذا العالم هو الفن والفنانون ، بل لم يقل لها احد في يوم من الأيام هذا حلال وهذا حرام سوى إن والدها قد جعلها ترتدي هذه القطعة من القماش على رأسها لأنهُ وكما قال لها :
- تقاليدنا ترفض السفور !
والآن يأتي هذا الشاب ليصفعها ـ بهذه الكلمات ـ صفعةً قوية جعلتها تفضل أن ترمي نفسها من السيارة على أن تبقى جالسةً أمامهُ وهو ينتظر منها ردفعل على كلماته .
هذا ما كانت تفكر به ملاذ ، أما منتظر فلقد أغلق الكتاب الذي كان يطالعه وأشاح ببصرهِ نحو نافذة السيارة وهو ينظر إلى المروج الخضراء التي ملأت الطريق وراح يردد بعض القصائد الدينية التي كان يحبها كثيراً محاولةً منهُ لتغيير الجو الذي صار خانقاً بالنسبة لهُ وهو ينتظر على أحر من الجمر أن تتوقف تلك السيارة معلنةً عن وصولهم .
ولما أتعبه النظر من النافذة أطرق برأسه لينظر إلى ساعته اليدوية فإذا بها تشير إلى بقاء نصف ساعة تقريباً للوصول . أخذ نفساً عميقاً ثم رفع بصرهُ ليرى حال الفتاة بعد قراءتها لتلك الرسالة فإذا بها قد خفضت رأسها وغسلت وجهها بدموعها!
حينها بدأ منتظر يكلمّ نفسه :
- هل كنتُ قاسياً معها إلى الدرجة التي جرحتُ فيها كرامتها من دون أن أشعر .. أم إنها دموع الندم ؟!
.
#يتبع