الطريق إلى التوبة
6.05K subscribers
10.2K photos
388 videos
243 files
5.34K links
قد تركتُ الكُلَّ ربّي ماعداك
ليس لي في غربةِ العمر سِواك...
حيثُ ما أنتَ فـ أفكاري هُناك..
قلبي الخفاقُ أضحۍ مضجعك..
في حنايا صدري أُخفي موضعك..

اي استفسار او ملاحظة ارسلها حصرا على هذا البوت

@altaubaa_bot

فهرس القناة
https://t.me/fhras_altauba
Download Telegram
#كنت_في_انتظارك 1⃣

بسم الله الرحمن الرحيم

🔹 عند غروب شمس يوم الخميس شارفَت الطائرة على الهبوط في مطار مدينة مشهد المقدّسة، كان الحاج جهاد يجلسُ قرب النافذة وقلبه يكاد يسبق الطائرة بالهبوط إلى أرضِ أنيسِ النفوس الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، راح يراقب القِبّة الشريفة وهو يُلقي سلام الملهوف على الإمام الرؤوف..

🔸 دقائقٌ وهبطَت الطائرة بسلام، توجهَت الحملة إلى الفندق لإستلام الغُرف، ثم توّجهوا إلى المقام الشريف للزيارة، راح الحاج جهاد يقرأ إذن الدخول ودموع الشوق على خدَيه:

💓《... ءَأَدْخُلُ يا رَسُولَ الله ، ءَأَدْخُلُ يا حُجَّةَ الله ، ءَأَدْخُلُ يا مَلآئِكَةَ اللَّهِ الْمُقَرَّبينَ الْمُقيمينَ في هذَا الْمَشْهَدِ ، فَأْذَنْ لي يا مَوْلايَ فِي الدُّخُولِ أَفْضَلَ ما أَذِنْتَ لِأَحَدٍ مِنْ أَوْلِيآئِكَ ، فَإِنْ لَمْ أَكُنْ أَهْلاً لِذلِكَ ، فَأَنْتَ أَهْلٌ لَهُ..》

🔹 ثم تقدَّم وهو يُهلِّل ويُكبِّر وما إن وصل إلى العتَبة المُشرِفة حتى رمَى بنفسه على الأرض يُقبّلُها ويشمُّها كطفلٍ صغيرٍ رمَى نفسه في حضن أمِّه يشمّها ويقبِّلها..

❤️ فأهلُ البيت عليهم السلام وإنْ غابَت أبدانهم عنّا، فأرواحهم قريبةٌ منّا وهم أحياءٌ عند ربهم يُرزقون، يَرَون مقامنا ويسمعون كلامنا ويردُّون سلامنا، ولو حُجِب عن سمعنا كلامهم لكن الله سبحانه فتح باب فهمنا بلذيذ مناجاتهم.. وهم أولياء الله في أرضه وحُجَجِه على خلقه وعِترة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فطُوبى لِمَن أحبَّهم وأرضاهم، وخَسِر والله من أبغضهم وعصاهم..

🔸 بقِيَ الحاج جهاد في مدينة مشهد ثلاثة أيام، لقد كان منشغلاً خلالها بالزيارة والدعاء والتوسل، وفي قلبه حاجتان لا يعلمهما إلا الله سبحانه والإمام الرضا (عليه السلام).. وفي ساعةٍ متأخرةٍ من الليل، وبينما كان يجلس مقابل الضريح الشريف غلَبَه النُعاس، فرأى فيما يرى النائِم أن الأرض تحترق بأهلها، وكأن النار أخذت تلتهم الشجر والبشر فلا تُبقي ولا تذر.. وكل الناس تصرخ وتبكي وتستغيث، وبينما هو كذلك رأى زوجته تُقبِل نحوه من بعيد، وبدأ يشعر بزخَّات المطر تقترب معها شيئاً فشيئاً حتى أصبحت قربه تبلل جسده، وأطفأت الأمطار كل ما يحترق حوله، وإذ به يراها تحمل على يدَيها طفلاً نورانيّ الوجه، ثم قدمته له وقالت:
🌸 حاج جهاد هذا إبننا علي رضا !

🔹عندها أفاق مذهولاً مما رآه، فعلِم أن الله سبحانه استجاب حاجته الأولى، فزوجته حامل وقد اقتربَت ولادتها وكان الحاج جهاد يتوسل إلى الله سبحانه أن يكون هذا الولد من الصالحين ومن أنصار الإمام الحجة (عجل الله فرجه الشريف)، فكأنّ هذه إشارة أن هذا المولود سيكون إن شاء الله مباركاً ومن الصالحين، ومولده سيحمل الخير والخَلاص للمعذّبين والمستضعفين..

🔸فخَرَّ ساجداً لربّ العالمين، وأقبل يُقبّل الضريح الشريف شاكراً للإمام الرؤوف، ونوى إذا وضعَت إن شاء الله زوجته مولوداً ذكراً سيُسَميه علي رضا !

#يتبع
.
#كنت_في_انتظارك 2⃣

🔹أمضى الحاج جهاد في الزيارة سبعة أيام تشرّف خلالها بزيارة كلّ المشاهد المشرَّفة لا سِيَّما السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام) ومسجد جمكران، لقد كانت روحُه تتوق للبقاء قرب الأولياء الطاهرين، لكن لا بدّ من العَودة إلى الوطن.. لقد ترك قلبه المولع بحب آل بيت محمد (صلوات الله عليهم) هناك تحت القِبَّة الشريفة يُناجي عند الشبّاك الطاهر وعاد..

🔸إستقبلته زوجته "زينب" بحرارةٍ، وأخذَت تُقبِّل يدَيه التي لامسَت تلك المقامات الطاهرة.. كم كانت روحها تشتاق للزيارة، لكن حَملها قد منعها من الذهاب، فقد اقتربَت ولادة طفلها الأول..

🔹إحتضنَها الحاج جهاد وقَبَّل جبينها وقال :
▫️إن شاء الله إذا رزقنا الله بمولودٍ ذكر سنسميه علي رضا ! وقصَّ عليها رُؤياه في حرم الإمام الرضا (عليه السلام)، فانهمرَت الدموع على خدَّيها وهي تحمد الله وتشكره..

🔸لقد كان لهذا الجنين رعاية خاصة من قِبَل والدَيه، فكانت أمُّه تبقى دائماً على طهارةٍ، وكانت منذ الشهر الأول من الحمل تقرأ له القرآن الكريم، وتقرأ له زيارة آل يس، أمَّا والده فكان دائماً يتصدَّق ويُطعِم الفقراء بنِيَّة حفظ صاحب الزمان (عجل الله فرجه) نيابةً عن هذا الطفل، وكان في كل ليلةٍ يدعو له في صلاة الليل بأن يكون من الصالحين، ويُعيذُه بالله العظيم من الشيطان الرجيم.. هذه الأعمال لا شكّ أنها تركت أثراً كبيراً في هذا الجنين لا سِيَّما إيمان والدَيه ونيّتهم الخالِصة لله جل وعلا..

🔹 وبعد مرور شهرٍ على الزيارة، شاء الله سبحانه أن تتحقّق رؤيا الحاج جهاد.. ففي يوم الجُمعة ومع أذان الفجر، وضعت زينب مولودها علي رضا ! وكم كانت لهفة الأب الحنون لِيَرى هذا المولود.. فحمله والدموع على خدَّيه وأذَّن في أذنه وأقام.. ثم قبَّله ودعا الله سبحانه وتعالى أن يجعله من الصالحين.. بعدها ذهب فاختلى بربّه وسجد سجدةً طويلة.. يُناجي ربّه تبارك وتعالى ويبوح له بما في قلبه..

🔸 كان ينظر إلى طفله ويتأمَّل به، ينظر إلى عينَيه وفمه وأذنَيه ويدَيه ورجلَيه، يراقبُ صُنع الخالق تبارك وتعالى.. وقلبه ينبض بالإيمان والخشوع.. سبحانك ما أعظمَك، ألا يرون قدرتك؟ ألا ينظرون كيف خلقتهم وكوَّنتهم ؟ كيف لا يؤمنون ؟ أم كيف بنعمتك يجحدون ؟!

🔹 مرَّت سنتان كلمح البصر، نشأ خلالهما علي رضا في كنف هذا الأب المؤمن الرحيم، وتعلَّق به تعلقاً شديداً فكان يبكي لفراقه ويحتضنه إذا عاد بكل لهفة.. وفي أحد الأيام وقفت زينب قرب الباب تحمل طفلها مُودّعةً زوجها والدمعة في عينَيها، وهي ترجو من الله أن لا يطول الغياب.. لكن الله سبحانه شاء أن يستجيب دعاء الحاج جهاد ويقضي حاجته الثانية فاختاره شهيداً وارتفعت روحه الطاهرة إلى معشوقه تبارك وتعالى بينما كان يجاهد في سبيله دفاعاً عن شيعة أمير المؤمنين(عليه السلام) ومقدّسات الأمة..

🔸الحاج جهاد قد إلتحق بمحمد وآله الأطهار إلى جنّاتٍ عرضها كعرض السماوات والأرض، أمَّا علي رضا فقد أصبح اليوم يتيماً..

#يتبع
#كنت_في_انتظاركَ
.
#كنت_في_انتظارك 3⃣

🔹تلَّقَت عائلة الشهيد نبأ إستشهاد إبنهم الحاج جهاد، لم يكن وَقعُ الخبر سهلاً على قلب أمِّه، لقد فُجِعَت لإفتقاده، فجهاد ليس إبناً عادياً، لقد كانت متعلقةً به كثيراً، فهو كان باراً بها، حنوناً عليها، رحيماً بها.. لقد إستمرَّ حتى آخر حياته يُقبِّل يدَيها، ويخدمها، ويطلب رضاها كطفلٍ صغير..

🔸كان يُحسِن إليها من كل قلبه، رغم أنها أحياناً كانت تغضب وقد تقسو عليه بكلماتها.. لكنّه كان حريصاً على طاعة ربّ العالمين والإلتزام بما وصى به الربّ العظيم {وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}

🔹{وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} لقد سعى جهاد لأن يُطبِّق هذه الوصية من صميم قلبه، فكان نِعمَ الإبن البَّار الصالِح، لكن ما صبَّر قلب أمِّه هو أنها واسَت نفسها بفاطمة الزهراء (سلام الله عليها)، وبالعقيلة زينب، وبأم البنين (عليهما السلام) وبأمَّهات الشهداء الذين قضوا بين يدَي أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)

🔸أمَّا زوجتُه زينب، فقد شعرَت أنها فقدَت قلبها وروحها، تذرف دموع الحسرة لإفتقاده تارةً، وتحضن ولدها علي رضا تارةً أخرى، تشّمُه وتقبِّله، أخذت تمسح على رأسه فصار يبكي لبكائها..

🔹مسحت دموعها بكل إيمانٍ، وهمست في أذن طفلها : 🌸 حبيبي لا تبكي فأباك لم يرحل، هو قريبٌ منا وسوف يأتي دائماً لزيارتنا، إنه يُهيء لنا بيتاً في الجنة في جوار محمدٍ وأهل بيته (عليهم السلام)..

🔸 قبلته مجدداً، شمَّته : 🌸 آه أشمُّ فيك رائحة جهاد يا قرة عيني😔 سأحرصُ على تربيتك بأشفار عيوني لأحقق الحلم الثاني الذي طالما حلم به أباك، ستكون إن شاء الله من الصالحين يا علي رضا ؟

ربما لم يفهم تلك الكلمات، لكنه نظر إليها وابتسم، ثم رمى نفسه في حضنها، وما لبث أن غفى على يدَيها.

🔹فقدان الأب السند والمعيل ليس بالأمر الهيِّن، لقد عانَت زينب الكثير من الصعوبات من أجل تربية طفلها، وسعت لكي تؤمّن له العطف والحنان والأمان.. كان يكبر أمام عينَيها شيئاً فشيئاً، ولقد أصبح بحمد الله في المدرسة وسرعان ما ظهر ذكاؤه ونبوغه جلِيّاً، فحاز إعجاب الأساتذة ومحبتهم.

🔸ذات مرّة عاد علي رضا إلى البيت، فاستقبلته أمّه بحرارةٍ كعادتها واحتضنته، فقال لها : ▫️أمي!
أجابته : 🌸 نعم يا قرة عيني؟
قال: ▫️ أريد أن يصبح عندي أخ كبقية الطلاب في صفي! فصديقي في الصف محمد عنده أخ ينتظره كل يوم ويعودان سويّاً إلى البيت! وأنا أحب أن يكون عندي أخ مثله!

#يتبع
#كنت_في_انتظارك
.
#كنت_في_انتظارك 4⃣

🔹إحتارَت زينب في أمرها بماذا ستجيب إبنها ! هل تقول له إن أباك قد استشهد فلا يمكن أن يكون عندك أخ ؟! لكنه ما زال صغيراً على هذه الحقائق ! أيضاً لا يمكنها أن تكذب عليه فلا يجوز، وبنفس الوقت لا يمكنها أن تتجاهل ذكاءه وهي حريصةٌ على استقراره النفسي..

توكلت على الله سبحانه وقالت له:
🌸حبيبي علي رضا ! من قال أنه ليس لديك إخوة ؟! أنت لديك الكثير من الإخوة، فإذا سألك أحد أليس لديك أخوة قل له بلى ! فأبي شهيد وأبناء الشهداء كلهم إخوتي ! وغداً إن شاء الله سوف نذهب لتلعب مع إخوتك😊 هل رضيت يا عمري ؟!

🔸 فرح علي رضا كثيراً، وأصبح ينتظر نهار الغد بفارغ الصبر !

🔹ظنَّت زينب أنها تخلَّصت من هذه المُعضلة، لكنه فاجأها بسؤالٍ آخر !
▫️ أمي !
🌸 نعم يا عمري ؟
▫️ولكن كيف أتيتُ أنا ؟!

🔸تذكرَت زينب طفولتها وابتسمت، فهي قد سألت أمها يوماً نفس هذا السؤال، فأجابتها : لقد اشتريناكِ من السوق ! لكنها علمت اليوم أن أمها قد تهرّبت من الإجابة وضحكت عليها بهذا الجواب !

🔹تُرى ماذا ستجيبه ؟ إستغلت زينب هذا السؤال وقالت :
🌸إن الله سبحانه قد أعطانا إياك يا عمري !
▫️ومن هو الله يا أمي ؟؟

🌸يا إلهي أعِنِّي ! أين أنت يا جهاد يا ليتك معي يا حبيبي كي ترى كيف أصبح إبنك كبيراً.. آه كيف لا أذكر كيف كنت تحلمُ بتربيته تربية إيمانية صحيحة، وكم كنت تنتقد الأهل الذين يعرِّفون الله لأبنائهم بطريقةٍ خاطئة، وكأن الله هو الذي يعذِّب ويُحرِق بالنار إذا أخطأ الولد، ويُهمِلون كل جانب الرحمة الإلهية الواسعة ومحبته العظيمة لنا !

🌸 الله سبحانه هو الذي صنع كل شيءٍ تراهُ يا حبيبي😊 هل ترى هذه الطيور الجميلة التي تحبها ؟
▫️ نعم يا أمي !
🌸الله هو الذي صنعها وخلقها، هل تعلم أنه خلق الفراشات الجميلة والورود ؟ البحر أيضاً، والأشجار والزهور، والفاكهة اللذيذة التي تُحبها هو صنعها وهو الذي صنعك أنت وجعلك بهذه الصورة الجميلة !
كل شيءٍ يا عمري تراه، فإن الله هو الذي صنعه لأنه يُحبنا كثيراً، صَنع كل هذه الأشياء الجميلة من أجلنا لِيُعبر لنا عن حبِّه لنا !

▫️وأين هو الله ؟ هل يمكننا أن نذهب أيضا غداً لرؤيته ؟
🌸 لا يا حبيبي، الله سبحانه لا يمكن لنا أن نراه بعيوننا، لكنه موجودٌ في كل مكان ! عندما تحبه يمكنك أن تشعر به بقلبك ! أين ما كنت وذكرته، حتى لو همست بقلبك "يا الله" فإنه يسمعك !
وهو يحبنا كثيراً، ويحب أن يسمع صوتنا ندعوه..
▫️يعني هل يمكنني الآن أن أتكلم معه ؟
🌸 نعم يا حبيبي، لكن الأفضل أن تكون طاهراً نظيفاً.. أقبِل يا عمري وتوضأ مثلي لندعو الله سويّاً ! فهكذا يُحبنا الله أكثر..

🔸حاول علي رضا أن يتوضأ مثل أمه، ثم جلسا سويّاً على سجّادة الصلاة، وتوجها إلى القبلة..
🌸 حسناً يا حبيبي قل "يا الله" وقل له ما شئت..

قال علي رضا : ▫️ يا الله .. أمي قالت أنك تسمعني، وأن كل شيءٍ جميل هو منك، أريد أن أقول لك شكراً لأنك أعطيتني العصافير الجميلة التي في غرفتي، وشكراً لأنك تأتي لنا بالفاكهة اللذيذة.. هل يمكنك ان تأتي لي غداً بلُعبة جميلة ؟

🔹سمعت زينب كلام ابنها، وقررت أن تشتري له غداً لعبة وتقول له هذه من الله ! لكن يبدو أن الله كان أسرع إجابةً لهذا الطفل الصغير مما كانت تتوقع الأم.. فبينما هما كذلك وإذا بالباب يُطرَق... !

#يتبع
#كنت_في_انتظارك
.
#كنت_في_انتظارك 5⃣

🔹فبينما هما كذلك وإذا بالباب يُطرَق..!

▪️السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هل هنا بيت الشهيد جهاد ؟

🌸 وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، نعم هذا بيته، أهلاً وسهلاً أخواتي تفضَّلْن..

▪️نحن من مؤسسةٍ تُعنى برعاية أبناء الشهداء، ونحن نرغب بتكفّل ابن الشهيد ورعايته، وإن شاء الله سنؤمِّن له شهرياً كل مصاريف المأكل والملبس والتعليم والرعاية الصحية والنفسية.

🌸 بارك الله بكم أخواتي، حقاً أنا أشكركُنَّ من صميم قلبي 🙏🏻

▪️لا يا أختي.. هذا أقل واجب نقدّمه لعائلة الشهيد الذي ضحى بدمه ونفسه من أجل أن نحيا نحن بعزةٍ وكرامةٍ، ومهما فعلنا لن نُوفي حقّ الشهيد علينا..
هل يمكنكِ أن تنادي لإبنك قليلاً لنراه..

🌸نعم بالطبع.. علي رضا ..هل يمكنك أن تأتي قليلاً يا أمي..؟

▪️ما شاء الله.. ما شاء الله..! علي رضا ! لقد أتينا لك بهديةٍ، تفضَّل يا حبيبي ! يمكنك أن تفتحها لنرى إن كانت ستعجبك ؟ لقد اشتريناها خصيصاً لك😊

🔸 فتح علي رضا الهدية، وملأ السرور قلبه: ▫️أمي..! أنظري لقد أرسل الله لي لعبةً جميلة.. ثم همس في قلبه: شكرا يا الله، كم هي جميلة !

🔹ثم توجهت إحدى الأخوات لأمّه قائلةً:
▪️إن كنت تسمحين، إن شاء الله غداً سوف نأخذ علي رضا في رحلةٍ ترفيهية كي يلعب مع بقية الأيتام، ويمكنك أن تأتي معه إذا أحببتِ...

🔸لا شك أن هذا الأمر قد ترك إنطباعاً قوياً عند علي رضا، وكان له الأثر الكبير في تعزيز علاقة الحب لربّ العالمين حسب مستوى إدراكه وتفكيره.

🔹لكن لم يقتصر الأمر عليه فقط، بل إن أمّه أيضاً قد تأثرت كثيراً لهذا الموقف، فعلي رضا طلب من الله لعبةً لكن الله سبحانه قد أعطاه بكرمه ولطفه أكثر بكثير، فتوجهت الى الله سبحانه ساجدةً شاكرةً لِنعمه التي لا تُعدّ ولا تُحصى..

🔸في إحدى ليالي الجمعة، كانت زينب تتذكّر زوجها الحاج جهاد ودموع الشوق على خديها، فأهدته بعض الآيات القرآنية..
وما لبثَت أن غفَت، فرأت في منامها زوجها يُقبِل نحوها وتبدو عليه آثار النعيم والكرامة ووجهه يتلألأ كالقمر ليلة تمامه وكماله..

🔹قالت له: 🌸 أين كنت يا حبيبي ؟
أجابها : 🌟 أنتِ دائماً قريبة مني ولم تغيبي عني
🌟أنا الآن ذاهب الى الإمام علي الرضا (عليه السلام)، وقد هيأتُ لكما ما تحتجانه للذهاب معي..
ثم أخذ بيدها فاستيقظت وهي تشم رائحة طيبة لم تشم مثلها في حياتها...

#يتبع
#كنت_في_انتظارك
.
#كنت_في_انتظارك 6⃣

🔹..فاستيقظَت وهي تشمُّ رائحةً طيّبة لم تشمّ مثلها في حياتها..
🌸 يا الله ! كم كنتُ مشتاقةً لأن أرى وجهك المتلألئ يا نور عيوني يا جهاد !...أهٍ لهذه الرائحة الطيِّبة.. لكن ماذا يعني أنه قد هيأ لنا ما نحتاجه للذهاب معه الى الإمام الرضا (عليه السلام) ؟
لا بد أنها إشارة أنني سأوَّفق للذهاب أنا وعلي رضا للزيارة إن شاء الله 😃

🔸إتصلَت بزوجة الشيخ، وبعد السلام والإطمئنان عن الأحوال، قصَّت عليها الرؤيا وطلبَت منها أن تُخبر سماحة الشيخ بذلك، لعلّه يكون له رأي في تفسير هذه الرؤيا، أو أنه يعمل لها إستخارة على الذهاب إلى الزيارة..

🔹وبعد قليل عاودَت زوجة الشيخ الإتصال :
🌼أخت زينب أبشِري بالخير ! فإن الإستخارة جيّدة جداً.. وأريد أن أخبرك إن شاء الله في الأسبوع القادم هناك حملة للزيارة.. هيئي الجوازات لكي نذهب إن شاء الله تعالى سويّاً..

🔸إبتسمَت زينب وملأت الفرحة قلبها، وما لبثَت أن تيسرَت كل أمورها، وبعد مُضي أسبوع توجهوا إلى مدينة مشهد المقدّسة..

🔹جلسَت زينب في الطائرة وراحت تتذكّر قبل 7 سنوات عندما كانت حاملاً بعلي رضا، كم كانت مشتاقة للذهاب للزيارة.. وتذكرَّت الرؤيا العجيبة التي رآها حينها الحاج جهاد.. نظرَت إلى ولدها متبسمةً وقالت : 🌸 بعد قليل سوف نصل بإذن الله يا حبيبي إلى الإمام علي الرضا عليه السلام !

🔸حطَّت الطائرة وعلَت أصوات الزوّار بالصلاة على محمد وآل محمد، وما إن توَجهت زينب للزيارة حتى تغيَّر حالها، وبدأ قلبها يخفق بشدّة..

🔹تركَت إبنها علي رضا بأمانة سماحة الشيخ كي يدخل للزياة مع الرجال، بينما هي دخلت مع النساء، فزارَت الإمام (عليه السلام) من صميم قلبها، واستغفرَت ودعَت وصلَّت، مسحت دموعها وخرجت للإطمئنان عن ولدها، فرأته يقفُ قرب الحملة بجانب سماحة الشيخ..
أقبلَت إليه واحتضنته، ثم عادوا إلى الفندق ليأخذوا قِسطاً من الراحة.

🔸وما إن وصلَت زينب إلى الغرفة حتى أخرج علي رضا ورقةً وسلَّمها لأمّه ! قالت له بإستغراب :
🌸ما هذه الورقة ؟ من أعطاك إياها ؟

أجابها : ▫️عندما كنتُ في مقابل ضريح الإمام الرضا عليه السلام، وكان الشيخ مشغولاً بالزيارة، ناداني بإسمي "علي رضا" شخصٌ يرتدي شالاً أخضراً وله رائحة طيبة😊
فقال : تعال يا حبيبي
فأقبلت نحوه، قال لي :
#كنت_في_انتظارك وابتسم، ثم أجلسني في حِجره، ومسح بيده على رأسي فاقشعر جلدي..

▫️ثم قبَّلني، فشعرت بحنانه ولطفه💞 وبعدها رفع يدَيه ودعا لي، وأخرج من جيبه هذه الورقة أعطاني إيَّاها، ففتحتها ونظرت إليها، ثم رفعت بصري فلم أجده أمامي ! لا أعلم كيف اختفى !

🔸فتحت زينب الورقة... !

#يتبع
#كنت_في_انتظارك
#كنت_في_انتظارك 7⃣

🔹فتحَت زينب الورقة وبدأت تقرأ كلماتها، كان قلبها ينبض ويداها ترتجفان..

بسم الله الرحمن الرحيم
زوجتي الحبيبة زينب وإبني الغالي علي رضا
إنها الساعة الثالثة فجراً وأنا قُرب مقام السيدة زينب عليها السلام، لقد استشهدَ ثلاثة من رفاقي دفاعاً عن مقامها الطاهر، وإني أشمّ رائحة الجنة وأتُوق للّحاق بهم إلى جوار محمد وآله الأطهار..
لكني قررتُ أن أكتب لكم هذه الكلمات السريعة ولا أعلم إن كانت ستصِلكم بعد إستشهادي، لكني سأضعها بأمانة مولاي صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه..

بُني علي رضا، يا حبيب قلبي، أريدك أن تعلم أن هذه الحياة الدنيا أيام قليلة ولم يخلقك الله لها، بل خلقك للقائِه ولعبادته ولمحبته، هو نِعم الحبيب فلا تغفل عن حبه وعن ذكره، واعلم أنّ الصلاة هي ما يقرّبك إلى الله، فحافظ عليها في أول الوقت وأدِّها من صميم قلبك، واعلم أن المعاصي هي ما يُبعدك عن الله ويقرّبك من الشيطان فلا تقربها، ولا تغرّك الحياة الدنيا فهي دار متاع للظالمين والكافرين..

أمّا أنتَ فقد أعدّ الله لك مكاناً في جواره مع أحبائه وأوليائه.. واعلم أني إذا أنا استشهدت، فلن تبقى وحيداً، فإن الإمام الحُجّة(عج) سيكون كفيلك وسيكون أحَّن مني عليك، لكن أوصيكَ أن لا تنساه فهو يحبك، ولا تُحزنه بعملٍ قبيح فهو يرى أعمالك، وابحث عنه فإنّك ستجده في إنتظارك.

زوجتي الحبيبة يا نور عيو 》

🔹هكذا انتهت الرسالة.. يَبدُو أن جهاد في هذه اللحظة قام للقاء حبيبه الأول.. لم تتمالَك زينب نفسها فأجهشَت بالبكاء...

#كنت_في_انتظارك
.
#كنت_في_انتظارك 8⃣

🔹منذ العودة من هذه الزيارة المباركة، وزينب تنظر يومياً إلى هذه الورقة، تشمّها وتُقبّلها، وتقرأ لـ علي رضا ما كتب له أبوه فيها..
لقد حوَت هذه الرسالة وصايا قيّمة تحمل معانٍ عميقة خاصةً في موضوع الصلاة، والابتعاد عن الذنوب، والعلاقة بالإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه..

🔸بالمقابل كان علي رضا مُتلهفاً للسؤال عن هذه الأمور ومعرفتها..
فكان في كل يوم بعد أن يستيقظ وقبل أن ينام، يفتح القرآن الكريم حيث إحتفظَت أمُّه بالورقة، يُقبّلها وكأنه يلتمس ذلك الحنان الذي شعر به من قِبَل الشخص الذي أعطاه إيّاها، أو كأنه يتحسَّس وجود والده إلى جانبه، وكان لا ينفَك عن طرح الأسئلة على والدته عن مضمون الورقة..

🔹لذلك قررَت زينب إخبار سماحة الشيخ فؤاد بالقضية التي حصلت معهم في مقام أنيس النفوس عليه السلام، عسى أن يتكفَّل بالإجابة المناسبة على هذه الأسئلة ويتابع تربية علي رضا وتطَوّره، خاصةً أنها كانت واثقة من تقوى هذا الشيخ وإيمانه كَونها مقربةً من زوجته..

🔸اتّصلَت بزوجة سماحة الشيخ، أخبرتها بالأمر وطلبت منها أن توصل طلبها إلى سماحته..
بعد أن سمع الشيخ فؤاد القضية، تغيّر حاله وتأثر كثيراً لهذه الألطاف الإلهية التي حظِيَ بها علي رضا، فنظر إلى زوجته وبريق الدموع واضحٌ في عينَيه وقال لها :
❄️ إنه لَشرفٌ لي أن أهتَّم به وأرعاه.. لو سمحتِ يا عزيزتي أسرعي وقولي للحاجة أم علي رضا أن تُهيئ ولدها، ولينتظرني أمام منزلهم، سأمرُّ الآن لآخذه معي إلى صلاة الجماعة.

🔹دقائق ووصل الشيخ فؤاد إلى جانب منزل الحاج جهاد، انتظر بسيارته خروج علي رضا، وما إن خرج علي رضا وتوَّجه نحو السيارة، إقترب منه الشيخ فؤاد، إنحنى على ركبتَيه ونظر في عينَيه، ثم همسَ بكلماتٍ تخنقها العَبرة :
❄️ هل رأَت هاتَين العَيْنَين ذلك الجمال؟

🔸ضمَّ علي رضا بحرارة، وأخذ يمسحُ على رأسه ويشمُّ شعره ويُقبِّلُ خدَّيه والدموع في عَيْنَيه، يُرَدِّدُ بكلماتٍ كانت تطرق مسامِع علي رضا، كان يتسأءَل :
❄️ أكانَ هو ؟ أهُنَا مرَّت يَدَهُ المباركة؟ هل بقِيَ أثرٌ من رائحتِه على ثيابك ؟

🔹 كان علي رضا متفاجئاً من تصرف الشيخ، فقال له : ▫️لكن ألم تره يا عمّ ؟ لقد كان قُربك ينظر إليكَ عندما كنت واقفاً تُقبِّل ضريح الإمام الرضا عليه السلام!

غصَّ الشيخ فؤاد بعَبرته وأجابه بحسرةٍ وخجل : ❄️ لا لم اتمكن من رُؤيته 😔

ثم قام الشيخ يجرُّ علي رضا إلى سيارته، يمسح دموعه بكفَّيه ويقول في نفسه : ❄️ ماذا أقول له😔؟ هل أقول له أنني بسبب غفلتي وذنوبي حجبتُ نفسي عن إمام زماني ؟ هل أقول له أن الإمام بإنتظار كل مؤمن شيعيّ منذ أكثر من ألف سنة، ولكن نحن المتخلِّفون عنه؟ أوَلَسنا نحن الذين لم نكن على إجتماعٍ من القلوب في الوفاء بالعهد..😔

🔸وبعد وصولهما إلى مسجِد القرية، علَّم الشيخ فؤاد علي رضا كَيْفية الوضوء الصحيح وشرح له بعضاً من أهميته، وبينما كانا ينتظران الأذان، فاجأ علي رضا الشيخ فؤاد بسؤاله :
▫️عمّاه، لقد قالَت لي أمي أنّ الله غنيّ ولديه كلّ شيء، وهو كريمٌ يُعطينا الكثير من دون مُقابِل.. فلماذا إذاً يريدُ منا أن نصلي؟

#يتبع
#كنت_في_انتظارك
.
#كنت_في_انتظارك 9⃣

...الله غنيّ ولديه كلّ شيء، وهو كريمٌ يُعطينا الكثير من دون مُقابِل.. فلماذا إذاً يريدُ منا أن نصلي؟

🔸تبسّم الشيخ فؤاد وقال له :
❄️ما قالته والدتك يا علي رضا صحيح، إن الله تعالى غنيٌّ عن العالمين، وهذه الصلاة التي نُصليها لا تفيد الله بشيءٍ وهو لا يحتاجها، ولكننا نحن الفقراء إليه والمحتاجون لهذه الصلاة للقاء الله والحديث معه والوقوف بين يديه !
❄️ولأن الله سبحانه يُحبُّنا، فقد أكرمنا بها وعلَّمنا كَيْفِيَتها، فهكذا ارتضى أن نُعبِّر له عن حبّنا وعبوديتنا له، فجعلها سبيلاً لِوصاله ولقائه.

ردّ علي رضا بإستغراب : ▫️يعني هي لقاءُ الله ! لكن أنا لا أرى الله عندما أصلي!

🔹إقترَب الشيخ فؤاد من علي رضا ووضع يدَه على صدره الأيسر، ثم همس في أُذنه: ❄️بلَى تراه يا ولدي ! من هنا تراه.. من قلبك !

❄️عندما تشعر أثناء صلاتك بحبٍّ عظيم يغمر كيانك.. وعندما تكون مُطمئناً بأن الله يسمع ما تقوله له في هذه الصلاة، فأنت عندها ترى الله وتلقاه❤️

بدَت علامات الفرح على وجه علي رضا :
▫️إذاً ماذا ننتظر😊؟ هيا لنلتقي بالله!

أجابه الشيخ : ❄️ لقد جعل الله لهذا اللقاء موعداً خاصّاً وموقوتاً، ولهذه الأوقات بركاتٌ عظيمة ينظر الله إلى الوافدين عليه في هذه الساعات نظرةً خاصة، ومن شدّة حِرص الله علينا وحبِّه الشديد لنا يُذكّرنا كل يوم بهذه الأوقات المباركة ويدعونا للقائه من خلال الأذان..

🔸وفي هذه اللحظات، إرتفع صَوت الأذان في المسجد، ساد الصمت إنصاتاً لهذا الصَوت الملكوتي، كان قلب علي رضا يخفق بشدّة وكأنه يسمع هذا النداء مباشرةً من الله..

🔹أمّا الشيخ فؤاد أخذه التفكير بالله اللطيف، الذي لا يحتاج عباده وهو غنيٌ عن طاعتهم، ومع ذلك يدعوهم إليه بشتَّى الوسائل ليُفيض عليهم من بركاته، يدعوهم رُغم معاصيهم لِيَغفر لهم، يناديهم أنا ربُّكم الكريم هَلُّموا للقائي.. لكن أيّ عبادٍ هؤلاء الذين تجاهلوا نداء جبّار السموات، ولأي أمرٍ تجاهلوه.. لمتاعٍ زائل ودنيا فانية!

🔸ثم نظر إلى الحضور الذي يتجمَّع لإقامة الصلاة، وتذكَّر قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) : 《ما من مؤمنٍ يقوم إلى الصلاة إلا تناثر عليه البِّر ما بينه وبين العرش، ووُكِّل به مَلكٌ ينادي: يا ابن آدم لو تعلم ما لكَ في الصلاة ومَن تُناجي ما سئِمت وما إلتفَت》

🔹قام لأداء الصلاة، يتبعه علي رضا الذي وقف بين صفوف المصلّين، رُغم صِغر سنِّه إلا أنه أدَّى صلاته بكل حبٍّ وإهتمامٍ.. لقد كان مُستغرِقاً في صلاته..

هل حقاً عرجَت روح علي رضا في هذه الصلاة !
ولِمَ لا ؟ أوَلَيسَت الصلاة أصلاً لعُروج هذا الإنسان !

🔸إن الأمر لم يكُن شاقّاً أو صعباً على علي رضا ليشعر بهذه اللذّة في صلاته، كل ما فَعله أنه أحضر قلبه الصغير معه إلى الصلاة، فتوَجّه إلى الله بقلبه وبدنه..

🔹بعد انتهاء الصلاة والتعقيبات، تقدَّم الشيخ فؤاد نحو علي رضا، صافحه وقال له :❄️ تقبَّل الله منك يا عزيزي، أخبرني كيف كان لقاؤك؟

سرح علي رضا بنظره هُنَيهةً، ثم قال :
▫️ لقد كان طيّباً، وراودَني شعورٌ غريب، لقد شمَمتُ نفس رائحة العِطر التي كانت في مقام الإمام الرضا عليه السلام.

🔸إرتبَك قلب الشيخ فؤاد، أخذ نفساً عميقاً علَّهُ يصِل إلى تلك الرائحة، لكن هيهات! فهو يعلم أن هذه الرائحة ليست كعُطور الدنيا، بل هي رائحةٌ مَلَكُوتية ولن يتمَكَّن من شمِّها إلا عندما يُحقِق الإرتباط القلبي بالله وأوليائه..

🔹ثم تابع علي رضا كلامه قائلاً :
▫️لكن يا عمّ، إن الله قد أذِن لي بأن أُكلِّمه متى شئت، وأن أطلب منه كل ما أحبّ.. فلماذا هو لا يُكلِّمني ولا يطلبُ مني ما يحبه؟

#كنت_في_انتظارك
.
#كنت_في_انتظارك 🔟

.. إن الله قد أذِن لي بأن أُكلِّمه متى شئت، وأن أطلب منه كل ما أحبّ.. فلماذا هو لا يُكلِّمني ولا يطلبُ مني ما يحبه؟

🔹تبسّم الشيخ فؤاد قائلاً : ❄️ومن قال لكَ يا صغيري أن الله سبحانه وتعالى لا يُكلّمنا ؟

🔸توَجّه نحو مكتبة المسجد وأخذ بيَده القرآن الكريم، تقدَّم من علي رضا وقال له: ❄️هذا هو كلام الله، هذه رسالة من الله إلينا أرسلها لنا مع حبيبه ورسوله محمد (صلى الله عليه وآله) فإذا أحببتَ أن تستمع لكلام الله فأقرأ آيات القرآن الكريم، أمّا إذا أحببت أن تتكلم مع الله فتوجه إليه بالدعاء..

ثم أعطاه القرآن الكريم وقال له :
❄️ أرأيتَ تلك الرسالة التي أرسلها لك والدك وأوصاك بكل ما يُحبه ويرضاه منك؟ أرأيت كم تحبها وتفتحها وتقرأها مِراراً وتكراراً حباً وتعلقاً بوالدك ؟

▫️نعم يا عم!

❄️هذا القرآن هو كذلك رسالة حبٍّ ورحمةٍ من الله إلينا، فيه من الحبِّ والرحمة أكثر بكثير من حبِّ والدك لك ! بل من حبِّ جميع البشر.. ولقد تحمَّل الرسول وأهل بيته (صلوات الله عليهم) الكثير من الآلام والتضحيات من أجل أن تصِل هذه الرسالة إلينا..

🔸قبّل علي رضا القرآن الكريم، ثم نظر إلى الشيخ وقال :▫️ سأفتح القرآن الكريم لأرى ماذا يريد أن يقول الله لي !

🔹بعد التسمية، فتحَ علي الرضا القرآن الكريم، نظر إليه ثم تلا بصوته البريء قوله تعالى {وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىٰ * إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي}
ثم نظر إلى رقم الصفحة وقال :▫️ إنها الصفحة ٣١٣ يا عمّ.

🔸تنهَّد الشيخ فؤاد تنهيدةً غريبة، ثم انحنى على رُكبَتيه، فقدماه لم تعد تحملانه، مُحتارٌ في أمر هذا الطفل اليتيم..

🔹تابع علي رضا كلامه مندهشاً وكان يرتجف بشدّة :أنظر أنظر يا عمّاه..! لقد قال لي أنا الله لا إله إلا أنا.. ! لقد قال اعبدني ماذا يعني ؟ قل لي يا عمّ !!

🔸أجابه الشيخ وهو ينظر إلى جماله النوراني وهو مندهش من قلبه النقيّ : ❄️ إهدأ يا حبيبي، ثم احتضنه وقبَّل رأسه وقال: ❄️ هل شعرتَ الآن كم أن الله قريبٌ منا.. ؟

❄️إعلم يا حبيبي أن قوله تعالى "اعبدني" يعني كُن كما أحب، إعمَل بكل ما أمرتُك به لأني أحبك وأحب سعادتك، وابتعد عن كل ما نهيتُك عنه لأني أحبك وأخاف عليك من الضياع، أنا شفيقٌ عليك أكثر من أمِّك وأبيك.. وإذا سمعتَ ذكري "الله اكبر الله اكبر" توَجّه إلى لقائي أيضاً لأني أحبك وأشتاق للقائك.. أقِم الصلاة لذكري..

🔹ثم نظر الى الوقت فوجده مُتأخراً، فقال له : ❄️يجب أن أوصِلك إلى المنزل يا حبيبي كي لا تقلق والدتك عليك، وإن شاء الله سأكمل لك غداً، لكن أريد منك أن تفكّر الليلة في كلماتي التي قُلتها لك..

🔸ودَّعه بحرارة الوالد العطوف على ولده، إلا أن هذه العاطفة كانت لله وفي الله لِمَا رآهُ من قابليةٍ وحبٍّ في قلب هذا الطفل إتجاه الله ومرضاته.

🔹نزل علي رضا من السيارة، مشى بِضعَ خطواتٍ إتجاه المنزل، ثم توقف فجأةً في مكانه !
إستغرب الشيخ فؤاد من ذلك فهو كان ينتظر دخوله الى البيت ليطمئن عليه.

🔸إلتفَت علي رضا إليه ثم عاد يركض إتجاهه، إلتقط انفاسه السريعة ثم قال له : ▫️عمّاه، هل يمكنني أن أسألك سؤالٌ أخير ؟

😊 إبتسم الشيخ فؤاده وأجابه : ❄️سَلْ يا عزيزي..

▫️عمّاه، انا جداً مُشتاق لذلك الشخص الذي أعطاني رسالة أبي ! هل تدّلَني كيف يُمكن لي أن ألتقي به مرة ثانية !!

#كنت_في_انتظارك
.
#كنت_في_انتظارك 1⃣1⃣

.. أنا جداً مُشتاق لذلك الشخص الذي أعطاني رسالة أبي ! هل تدّلَني كيف يُمكن لي أن ألتقي به مرّةً ثانية !!

🔹غصَّ الشيخ فؤاد مما سمعه وكأن حال لسانه متى أكحِل ناظرَي بنظرةٍ مني إليكَ يا مولاي يا بن الحسن😔

🔸نظر إليه وأجابه بقول العارف بالله الشيخ البهجة (رض): ❄️《 عندما تشتاق قلوبكم إلى رؤية الإمام الحجة (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) أنظروا إلى صفحات القرآن..》

🔹فهِم علي رضا من ذلك أن هذا القرآن الكريم مرتبط بذلك الولي الذي رآه في مقام الإمام الرضا (عليه السلام)، وعليه أن يهتم بالقرآن الكريم حتى يتمكن من لقائه مرّةً ثانية..

🔸منذ ذلك اليوم تغيّر حال علي رضا، فكان القرآن الكريم لا يُفارقه، فإما مستمع لقراءته أو تالٍ لآياته أو متدبِّر في كلامه..

🔹كان يكبر يوماً بعد يوم، ويكبر في قلبه ذلك الحب المقدَّس لله وأوليائه.. كان يلتزم بتعليمات الشيخ فؤاد بكل إخلاص راجياً أن ينال مقام القُرب الإلهي..

🔸فأصبح دائم الوضوء، يُهيء نفسه للصلاة قبل وقتها، يجلس في مُصلاه متشوقاً للذة لقاء الله، فيصلي بكل حضور قلب وخشوع من دون أدنى ملل أو تثاقل، بل إن الصلوات الخمس لم تكن كافيةً لإشباع رغبته في مناجاة الله، فكان يقوم قبل صلاة الفجر بساعة ليؤدي صلاة الليل، ثم يتوجه إلى خالِقه ويخبره عن مشاعره تجاهه بكل عفوية وحب❤️

🔹فلَذّة قيام الليل والأنس بمناجاة الله كانت أجمل ما في حياة علي رضا، على خلاف أترابه الذين يعيشون مراهقتهم بدون قيد أو حد..

🔸لقد كان يتحسّس وجود الله بكل معنى الكلمة، لقد كان يراه بقلبه.. أين ما نظر رأى جمال الله، وكيف لا يكون كذلك وهو محافظٌ على فِطرته السليمة التي أودَعها الله فيه❤️

🔹عندما علِم من الشيخ فؤاد أن ذلك الوليّ الذي إلتقى به في مقام الإمام الرضا (عليه السلام) كان صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه الشريف)، أصبح علي رضا شديد الإهتمام بكل ما يتعلق بالإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت(عليهم السلام)، ولا ينفك عن طرح التساؤلات والإستفسارات على الشيخ فؤاد..

😔 لكن أكثر ما كان يُؤلم قلب علي رضا هو غيبة إمام الزمان(عج)، كان في كل ليلةٍ قبل أن يخلد إلى النوم يتوجه بقلبه وكيانه إلى صاحب الزمان، ويُناجيه بكلماتٍ تحرِق القلوب وبأهاتٍ تُذرَف لها الدموع 💔 : ▫️أين معزّ الأولياء ومذِّل الأعداء ؟ أين جامعُ الكلمة على التقوى ؟ أين باب الله الذي منه يُؤتى ؟ أين وجه الله الذي إليه يتوجه الأولياء ؟ أين السبب المتصل بين الأرض والسماء ؟...😭

🔸ثم ينظر من نافذة غرفته، يتأمل أضواء البيوت، يبحث في سكون الليل عن إمام زمانه😔 ولسان حاله:▫️ ليتَ شِعري أين إستقرت بك النوى ؟ بل أيّ أرضٍ تقِلُّكَ أو ثرى ؟ أبِرَضوى أو غيرها أم ذي طُوى؟.. بنفسي أنتَ من أمنية شائقٍ يتمنى..

🔹ثم ينام في سريره والحرقة في قلبه تردد "هل إليك يابن أحمد سبيلٌ فتُلقى؟ 😔"

🔸أصبح علي رضا شاباً حسن الأخلاق، يترك أثراً طيباً أين ما كان، أمّا والدته زينب فكانت تحمد الله وتشكره على هِدايته لإبنها، فهي تعلم جيداً أن تربية الأولاد في هذا الزمن صعبٌ جداً ويحتاج الوالدين إلى العناية الربّانية والرحمة الإلهية ليحافظوا على أولادهم من فِتن آخر الزمان..

🔹لا ينسى علي رضا ذلك اليوم حين ودّعه الشيخ الفؤاد، الذي عزم على السفر مع عائلته إلى قُم المقدسة لمتابعة دراساته في الحوزة الشريفة، وأهم ما بقِيَ في جُعبَة علي رضا من توصيات الشيخ فؤاد وصيته الأخيرة..

🌹 نعم، فقد كان آخر ما قاله الشيخ فؤاد لعلي رضا ما يلي : ❄️《إجتنِب المعاصي وإلتزم بالواجبات وإبتعد عن الشبهات، وعند ذلك لا داعي أن تبحث عن صاحب الزمان (عج) لأنه هو بنفسه سيأتي إليك!》

🕸أمّا في ذلك العالَم المحجوب عن أعيُنِنا، كان إبليس لعنه الله يئِن ويتألم، بل يحترق بإيمان علي رضا.. فحبّ هذا الشاب لله ولأوليائه قد أرغَم أنف الشيطان وكسَر ظهره وسَوَّد وجهه..

🔸وبعد أن أصبح علي رضا وحيداً في سَيره إلى الله، بعيداً عن المُرشد والأستاذ، أعدّ الشيطان اللعين مكائده وشِباكه ليُطفئ نورانية ذلك القلب الذي عذَّبه لسنين!
كيف لا وقد {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ }

❗️فهل سيتمكَّن الشيطان اللعين من خِداع علي رضا وجرِّه إلى الظُلمات ؟

#يتبع
#كنت_في_انتظارك