#النسوية ومصادرة الحريات.
منذ بضعة أشهر دار بيني وبين بروفسورة في الجامعة حديث عن التمييز ضد الأقليات في الولايات المتحدة الأمريكية، هي كانت مندفعة تتحدث عن العنصرية ضد الأمريكيين الأفارقة وتطرح حلولاً عملية لكشف الممارسات العنصرية الخفية تجاههم ومعالجتها.
قلت لها: أنا أفهم تماماً ما تتحدثين عنه، فأنا -مثلاً- كوني مسلمة ومحجبة تعرضت لكثير من التمييز ضدي منذ أن أتيت لهذه البلاد، ومثال ذلك رأيته في بعض جيراني السابقين، خصوصاً كبار السن منهم. هؤلاء الجيران كانوا معي في نفس العمارة وكنت أراهم بشكل شبه يومي لمدة أربع سنوات، وكنت أقابلهم بـ صباح الخير في كل مرة، لكنهم لم يردوا التحية لي يوماً، بل كانوا يقابلونني بالتجهم أو الإشاحة بوجههم للطرف الآخر، وكنت أستمر مع ذلك بتحيتهم في المرة التالية. وهذه واحدة فقط من صور التمييز الذي تعرضت له والذي لم يخجل أصحابه من إظهاره مع الأسف.
كانت البروفسورة تنصت بذهول وقد ثغرت فاهها، لكن سرعان ما لاحظت أنني فرغت من الكلام عدلت جلستها وابتسمت وقالت بكل ثقة: لكن الأمر مختلف تماماً هنا، أنت تتحدثين عن #الحجاب و #الإسلام، والأمريكيون حين يرون هذا فيك كامرأة لا يفكرون إلا بأنك مقهورة مرغمة على وضعك هذا، خصوصاً مع كونك زوجة وأماً غير عاملة!
هنا فاجأني هذا الرد وما يحتويه من مغالطات ومخادعات، خصوصاً من امرأة تدعي رفض العنصرية وتطالب بالعدل والحريات، فكيف تبرر التمييز بهذا الشكل؟
ودار في بالي أمران..
أولاً: أليس هناك احتمال -ولو بسيط- في أذهان هؤلاء أن يختار المرء بإرادته الحرة نمط حياة مختلفاً عما يمليه عليه الرجل الأبيض؟ ألا يحق لي كفرد حر في هذا العالم أن أختار الحياة الذي أريد دون أن يتم الحكم علي؟ ثم إن الإشكال في العنصرية هي استنادها إلى #التنميط الاجتماعي (#Stereotyping)، فكيف يكون تنميطي أنا كمسلمة مسموحاً ومقبولاً من قبل نفس الشخص الذي ينظّر ضد العنصرية؟
ثانياً: لنفترض أنني مجبرة على هذه الحياة فعلاً، لنفترض أنني جاهلة بحقوقي ومقهورة في حياة تعيسة من الظلم والاستبداد والسلطة الأبوية، أليس رد الفعل الطبيعي لهذا الحكم هو التعاطف معي وسؤالي عن وضعي والاستفهام عن حقيقة ما أمر به؟ أم أن هؤلاء اقتنعوا باستعلائهم لدرجة جعلتهم ينصبون أنفسهم قضاة على حياة الناس يأخذون عليهم أحكاماً غير قابلة للنقض ولا للطعن؟
وضعٌ غريب فعلاً!
لكن النسوية تمارسه على نسائنا بشكل يومي ومستمر، تحكم مباشرة على أي امرأة لا تأتمر بأمرها بأنها مستعبدة جاهله ومخدوعة، وتظل الفتاه عالقة في هذا الحكم إلى أن تتفلت من دينها وأخلاقها وتتحول أمَةً للاستهلاكية والليبرالية والمادية لا أكثر، تصير مستعبدة لهواها وأمر رؤسائها من شياطين الإنس والجن، وحينها فقط يتقبلها أولئك الذين نبذوها من قبل، ويتكرمون عليها برضاهم واستقبالهم إياها في محافلهم ودورهم، أما إن كانت غير ذلك، فلا صوت لها ولا قيمة، إنما نصيبها حكم ثابت غير قابل للنقاش البتة!
تسنيم راجح
منذ بضعة أشهر دار بيني وبين بروفسورة في الجامعة حديث عن التمييز ضد الأقليات في الولايات المتحدة الأمريكية، هي كانت مندفعة تتحدث عن العنصرية ضد الأمريكيين الأفارقة وتطرح حلولاً عملية لكشف الممارسات العنصرية الخفية تجاههم ومعالجتها.
قلت لها: أنا أفهم تماماً ما تتحدثين عنه، فأنا -مثلاً- كوني مسلمة ومحجبة تعرضت لكثير من التمييز ضدي منذ أن أتيت لهذه البلاد، ومثال ذلك رأيته في بعض جيراني السابقين، خصوصاً كبار السن منهم. هؤلاء الجيران كانوا معي في نفس العمارة وكنت أراهم بشكل شبه يومي لمدة أربع سنوات، وكنت أقابلهم بـ صباح الخير في كل مرة، لكنهم لم يردوا التحية لي يوماً، بل كانوا يقابلونني بالتجهم أو الإشاحة بوجههم للطرف الآخر، وكنت أستمر مع ذلك بتحيتهم في المرة التالية. وهذه واحدة فقط من صور التمييز الذي تعرضت له والذي لم يخجل أصحابه من إظهاره مع الأسف.
كانت البروفسورة تنصت بذهول وقد ثغرت فاهها، لكن سرعان ما لاحظت أنني فرغت من الكلام عدلت جلستها وابتسمت وقالت بكل ثقة: لكن الأمر مختلف تماماً هنا، أنت تتحدثين عن #الحجاب و #الإسلام، والأمريكيون حين يرون هذا فيك كامرأة لا يفكرون إلا بأنك مقهورة مرغمة على وضعك هذا، خصوصاً مع كونك زوجة وأماً غير عاملة!
هنا فاجأني هذا الرد وما يحتويه من مغالطات ومخادعات، خصوصاً من امرأة تدعي رفض العنصرية وتطالب بالعدل والحريات، فكيف تبرر التمييز بهذا الشكل؟
ودار في بالي أمران..
أولاً: أليس هناك احتمال -ولو بسيط- في أذهان هؤلاء أن يختار المرء بإرادته الحرة نمط حياة مختلفاً عما يمليه عليه الرجل الأبيض؟ ألا يحق لي كفرد حر في هذا العالم أن أختار الحياة الذي أريد دون أن يتم الحكم علي؟ ثم إن الإشكال في العنصرية هي استنادها إلى #التنميط الاجتماعي (#Stereotyping)، فكيف يكون تنميطي أنا كمسلمة مسموحاً ومقبولاً من قبل نفس الشخص الذي ينظّر ضد العنصرية؟
ثانياً: لنفترض أنني مجبرة على هذه الحياة فعلاً، لنفترض أنني جاهلة بحقوقي ومقهورة في حياة تعيسة من الظلم والاستبداد والسلطة الأبوية، أليس رد الفعل الطبيعي لهذا الحكم هو التعاطف معي وسؤالي عن وضعي والاستفهام عن حقيقة ما أمر به؟ أم أن هؤلاء اقتنعوا باستعلائهم لدرجة جعلتهم ينصبون أنفسهم قضاة على حياة الناس يأخذون عليهم أحكاماً غير قابلة للنقض ولا للطعن؟
وضعٌ غريب فعلاً!
لكن النسوية تمارسه على نسائنا بشكل يومي ومستمر، تحكم مباشرة على أي امرأة لا تأتمر بأمرها بأنها مستعبدة جاهله ومخدوعة، وتظل الفتاه عالقة في هذا الحكم إلى أن تتفلت من دينها وأخلاقها وتتحول أمَةً للاستهلاكية والليبرالية والمادية لا أكثر، تصير مستعبدة لهواها وأمر رؤسائها من شياطين الإنس والجن، وحينها فقط يتقبلها أولئك الذين نبذوها من قبل، ويتكرمون عليها برضاهم واستقبالهم إياها في محافلهم ودورهم، أما إن كانت غير ذلك، فلا صوت لها ولا قيمة، إنما نصيبها حكم ثابت غير قابل للنقاش البتة!
تسنيم راجح