ثم ماذا بعد اللذة ؟
تخيل معي ذاك الرسام الذي بالغ في لوحته، ولم يرتبط بحدود الوظيفة، ولا بسلطان الريشة، ولم يحكم قبضته جيدًا، فسكب حبره هنا وهناك، دون معيار لحقيقة الرسم، وإن كان الرسم موهبة إلا أن للمواهبة قيود ومعايير وأنوار مبصرة، فعندما تفلت يديك من هذا كله، سيستبد بك الندم حينما تنظر إليها بعد فترة وجيزة، نظرة المستبصر الناقد، وتمتلئ مشاعرك بأحاسيس التيه، وألم الإخفاق، تمامًا كالشهوة الجبلية قيدتها الشريعة الإسلامية بضوابط وأحكام حتى يتم تهذيبها، فالشريعة الإسلامية لم ترفضها، وكيف لهذا أن يكون وهي جبلة بشرية، لكنها أمرت بتهذيبها؛ ليحقق الفرد منا مصالحه فيها، ويدرء مفاسدها عنه، وهذا والله من لطف اللطيف وكرمه وجوده وإحسانه، رغم أننا ما خلقنا لشهواتنا، وخلقنا في أرض بلاء واختبار وامتحان إلا أنه منّ علينا بسبل تحقيقها بضوابط شرعية دون إفراط أو تفريط، فمن أسرف فيها ظلم نفسه، وأدركته المخاطر في جوف نار حفت فيها إذا لم تدركه رحمة الله تبارك وتعالى، ومن أخذ منها بقدر كان مالكًا لنفسه حرًا في عبوديته لله الواحد الأحد القهار، ومن أدرك حقيقتها فاز ورب الكعبة !
إذ لابد لنشوتها من الاضمحلال، وتلاشي لذائذها في أوحال الاعتياد والتكرار؛ التي لطالما أفنى الفرد فيها روحه الشريفة على قارعة جسده المتهالك، فماتت قبل أوانها، وذاقت معنى الذل والهوان في أوج شبابها، وفما كان للاقتدار على مواقعتها معنى سوى الهشاشة النفسية والصغار والشنار والذل والهوان، فالاقتدار ضعف وسقوط مدوي في واد التيه السحيق، وما لتلافيفها لذة بعد مواقعتها، بل الأنين الذي كبلها في فواجع الضنك، وسوء المنقلب، وطمس معالم العفة، ومصابيح الدجى، وتكدير صفائها، باسدال ستار الذنب، وتحطيم القيمة الإنسانية الرفيعة، بكونه خلق ليكون سماويًا وإن كان ترابيًا، ليرتفع في أقاصي عزها، ويترفع عن أغوار حضيضها..
وإن كانت بمعنى اللذة؛ التي ينال فيها الفرد مشتهاه ويتحصل فيها محبوباته إلا أنها سرعان ما تفنى بعد مواقعتها بلحظات يسيرة وتعقبها آثار ثقيلة، لو حيزت لك الدنيا بحذافيرها لنفيها عن ذاكرتك ووطأتها على روحك ؛ لعجزت عن ذلك جملة وتفصيلًا، ومع هذا كله يفنى بريقها الآخاذ في عينك ؛ الذي لطالما استولى على نفسك، حتى سعت من أجله مغالية لنيله، فجعلت من جسدك الشريف اصطبلا للدواب، فليس له شغل إلا الشهوة دون أدنى مشاعر أو أحاسيس، فهي أشبه ما تكون بالعادة ؛ التي لا تتطلب منك فن أواتقان أو مشاعر، فما تزال به حتى ترديه هالكًا قابعًا في ردم الغياهب، ينتظر متى الساعة ؟؛ ليخفف غيب الآخرة ومنظر القبر وفتنته وحسابه ..
وكان باختياره أن يجعل من جسده قفصًا لطير روحه الشريفة، فالدنيا سجن المؤمن وجنّة الكافر، فهي دار فناء وعمل، واختبار وامتحان، ليست بدار خلود وقرار !
فماذا بعد اللذة ؟!
التي كلما ازددت انغماسًا وتوغلًا فيها، كلما ازددت سقوطًا في قيمتك ومكانتك وإنسانيتك !
وكلما استرسلت فيها اعتدتها !
وكلما أُعتديت سلب منها لباس المتعة !
وكلما فتحت نوافذ المادية في قلبك أحكمت قبضتها على روحك حتى أهللكتها في جسدك المهترئ !
وكلما حظيت بواحدة استغرقت بالبحث عن ثانية وثالثة ورابعة حتى تحكم أظفارها في عنقك بلا فكاك فترديك صريعًا في التعاسة الإنسانية !
فما السعادة الحقيقية إلا لزوم الاستقامة !
فماذا بعد اللذة؟
#غيداء
تخيل معي ذاك الرسام الذي بالغ في لوحته، ولم يرتبط بحدود الوظيفة، ولا بسلطان الريشة، ولم يحكم قبضته جيدًا، فسكب حبره هنا وهناك، دون معيار لحقيقة الرسم، وإن كان الرسم موهبة إلا أن للمواهبة قيود ومعايير وأنوار مبصرة، فعندما تفلت يديك من هذا كله، سيستبد بك الندم حينما تنظر إليها بعد فترة وجيزة، نظرة المستبصر الناقد، وتمتلئ مشاعرك بأحاسيس التيه، وألم الإخفاق، تمامًا كالشهوة الجبلية قيدتها الشريعة الإسلامية بضوابط وأحكام حتى يتم تهذيبها، فالشريعة الإسلامية لم ترفضها، وكيف لهذا أن يكون وهي جبلة بشرية، لكنها أمرت بتهذيبها؛ ليحقق الفرد منا مصالحه فيها، ويدرء مفاسدها عنه، وهذا والله من لطف اللطيف وكرمه وجوده وإحسانه، رغم أننا ما خلقنا لشهواتنا، وخلقنا في أرض بلاء واختبار وامتحان إلا أنه منّ علينا بسبل تحقيقها بضوابط شرعية دون إفراط أو تفريط، فمن أسرف فيها ظلم نفسه، وأدركته المخاطر في جوف نار حفت فيها إذا لم تدركه رحمة الله تبارك وتعالى، ومن أخذ منها بقدر كان مالكًا لنفسه حرًا في عبوديته لله الواحد الأحد القهار، ومن أدرك حقيقتها فاز ورب الكعبة !
إذ لابد لنشوتها من الاضمحلال، وتلاشي لذائذها في أوحال الاعتياد والتكرار؛ التي لطالما أفنى الفرد فيها روحه الشريفة على قارعة جسده المتهالك، فماتت قبل أوانها، وذاقت معنى الذل والهوان في أوج شبابها، وفما كان للاقتدار على مواقعتها معنى سوى الهشاشة النفسية والصغار والشنار والذل والهوان، فالاقتدار ضعف وسقوط مدوي في واد التيه السحيق، وما لتلافيفها لذة بعد مواقعتها، بل الأنين الذي كبلها في فواجع الضنك، وسوء المنقلب، وطمس معالم العفة، ومصابيح الدجى، وتكدير صفائها، باسدال ستار الذنب، وتحطيم القيمة الإنسانية الرفيعة، بكونه خلق ليكون سماويًا وإن كان ترابيًا، ليرتفع في أقاصي عزها، ويترفع عن أغوار حضيضها..
وإن كانت بمعنى اللذة؛ التي ينال فيها الفرد مشتهاه ويتحصل فيها محبوباته إلا أنها سرعان ما تفنى بعد مواقعتها بلحظات يسيرة وتعقبها آثار ثقيلة، لو حيزت لك الدنيا بحذافيرها لنفيها عن ذاكرتك ووطأتها على روحك ؛ لعجزت عن ذلك جملة وتفصيلًا، ومع هذا كله يفنى بريقها الآخاذ في عينك ؛ الذي لطالما استولى على نفسك، حتى سعت من أجله مغالية لنيله، فجعلت من جسدك الشريف اصطبلا للدواب، فليس له شغل إلا الشهوة دون أدنى مشاعر أو أحاسيس، فهي أشبه ما تكون بالعادة ؛ التي لا تتطلب منك فن أواتقان أو مشاعر، فما تزال به حتى ترديه هالكًا قابعًا في ردم الغياهب، ينتظر متى الساعة ؟؛ ليخفف غيب الآخرة ومنظر القبر وفتنته وحسابه ..
وكان باختياره أن يجعل من جسده قفصًا لطير روحه الشريفة، فالدنيا سجن المؤمن وجنّة الكافر، فهي دار فناء وعمل، واختبار وامتحان، ليست بدار خلود وقرار !
فماذا بعد اللذة ؟!
التي كلما ازددت انغماسًا وتوغلًا فيها، كلما ازددت سقوطًا في قيمتك ومكانتك وإنسانيتك !
وكلما استرسلت فيها اعتدتها !
وكلما أُعتديت سلب منها لباس المتعة !
وكلما فتحت نوافذ المادية في قلبك أحكمت قبضتها على روحك حتى أهللكتها في جسدك المهترئ !
وكلما حظيت بواحدة استغرقت بالبحث عن ثانية وثالثة ورابعة حتى تحكم أظفارها في عنقك بلا فكاك فترديك صريعًا في التعاسة الإنسانية !
فما السعادة الحقيقية إلا لزوم الاستقامة !
فماذا بعد اللذة؟
#غيداء
Forwarded from كن جميلا ترى الوجود جميلا
يعد رمضان شهر الانتصارت، وأعتى معارك الإنسان التي يخوضها؛ معركته في إصلاح قلبه الذي بين جنبيه حتى يستقيم على أمر الله تبارك وتعالى وبالتالي تستقيم بعد ذلك جوارحه، وقد منّ الكريم سبحانه على عبيده بشهر رمضان ؛ ليكون نقطة الانطلاقة في التغيير، وأعانهم عليه، وسهل لهم دروب الهداية، ويسر سبل الاستقامة، وروض النفوس للتقوى، ابتداء من تضيق عروق الإنسان مجرى الشيطان إلى تهيئة البيئة من حوله بين راكع قائم مسبح عاكف حافظ خاتم متصدق جواد قانت ساجد يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه، فالكثير يتسابق لرضوان الله تبارك وتعالى، والكثير يأزك حاله مع الله تبارك وتعالى للطاعة والعبادة والإنابة والخشية والاستقامة والمسارعة، بل وهيأ الكون بأسره؛ صفدت الشياطين ومردة الجنّ، فتحت أبواب الجنّة ، غلقت أبواب النار، فكأنما هو سوق الجنّة، فشمر إليه الصادقون وتسابقوا، وقد استشعروا عظم هذا الضيف الذي حط رحاله في أعمارهم القصيرة ونفوسهم الضعيفة في القوة والقوى، فعرفهم ربهم أن ضيفهم عجول، أيامه المباركة معدودة، ما أن تبدأ حتى تشارف على الرحيل، فجعله الصورة النابضة للغاية التي من جلها خلق الخلق، ولكنهم اختطفوا منها بسطوة الدنيوية وهيمنة المادية وغياب مركزية الآخرة، وجعل صيامه وقيامه سببًا للمغفرة لمن امتثل قيده (إيمانا واحتسابًا)، وأكرمهم بليلة خير من ألف شهر العبادة فيها نحو نيفًا وثمانين سنة، وقيامها على وجه الخصوص سببًا للعتق والمغفرة من الذنوب التي لطالما حالت بين العبد وبين وبين ربه ومولاه وسيده ..
وعلمهم على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى؛ أفضل ما يمكن أن يقولوا على الإطلاق فيها ، حينما سألته زوجه وحبيبته الفقيهة الصديقة المبرأة من فوق سبع سموات عما ما تقول في تلك الليلة ، فقال : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا، فلماذا العفو في أعظم ليالي الدنيا؟
لأنه محو الذنوب وما بعد محوها إلا محبة الله تبارك وتعالى ورضاه وجنّته ..
وأقل العفو أن تزول الحجب التي خلفتها الذنوب بين العبد وبين توفيق الله تبارك وتعالى وهدايته وتسديده ورحمته ورضاه،
وأعظمها أن يمحو الذنوب حتى يكون من السبعين ألف الذين يدخلون الجنّة بلا حساب ولا سابقة عذاب .. في دار الخلود الحياة الحقيقية السرمدية !
وهذا ميدان التغيير وميدان المسارعة في الخيرات، ولعله رمضانك الأخير فماذا أنت فاعل؟!
وبشرى لمن سارع وسابق فمن كان في الله تلفه كان على الله خلفه !
#غيداء
وعلمهم على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى؛ أفضل ما يمكن أن يقولوا على الإطلاق فيها ، حينما سألته زوجه وحبيبته الفقيهة الصديقة المبرأة من فوق سبع سموات عما ما تقول في تلك الليلة ، فقال : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا، فلماذا العفو في أعظم ليالي الدنيا؟
لأنه محو الذنوب وما بعد محوها إلا محبة الله تبارك وتعالى ورضاه وجنّته ..
وأقل العفو أن تزول الحجب التي خلفتها الذنوب بين العبد وبين توفيق الله تبارك وتعالى وهدايته وتسديده ورحمته ورضاه،
وأعظمها أن يمحو الذنوب حتى يكون من السبعين ألف الذين يدخلون الجنّة بلا حساب ولا سابقة عذاب .. في دار الخلود الحياة الحقيقية السرمدية !
وهذا ميدان التغيير وميدان المسارعة في الخيرات، ولعله رمضانك الأخير فماذا أنت فاعل؟!
وبشرى لمن سارع وسابق فمن كان في الله تلفه كان على الله خلفه !
#غيداء