الطريق إلى التوبة
6.05K subscribers
10.2K photos
388 videos
243 files
5.34K links
قد تركتُ الكُلَّ ربّي ماعداك
ليس لي في غربةِ العمر سِواك...
حيثُ ما أنتَ فـ أفكاري هُناك..
قلبي الخفاقُ أضحۍ مضجعك..
في حنايا صدري أُخفي موضعك..

اي استفسار او ملاحظة ارسلها حصرا على هذا البوت

@altaubaa_bot

فهرس القناة
https://t.me/fhras_altauba
Download Telegram
الطريق إلى التوبة
Photo
#مشكاة_عشق /٦ ..

لم تكن ايامه اللاحقة باليسيرة فالاستيقاظ من الغفلة عن الله ليس بالهين ، كانت الندامة تتآكل قلبه الغض بعد ان ادرك مدى ابتعاده و لكن روحه الثائرة و طبعه الناري ابى الاستسلام لهذا الواقع الذي اصبح يكرهه بكل جوارحه و بدء فعلا بتغيير نمط حياته و بعض عاداته التي كان يمارسها ، اصبح الجلوس في حديقة المنزل كل ليلة جمعة لقراءة دعاء كميل و تأمل السماء بعيون باكية من احب الاوقات الى نفسه فقد كان عازما على العودة الى ذلك المفترق حيث ترك نفسه ذات يوم تسلك ذلك المسار الخاطئ ولم يعلم بأن يد اللطف الخفية كانت تسدده وتهيأ له هذه العودة دون ان يدركها وتجسد هذا اللطف في شهر محرم الحرام حينما استأذن خاله من والديه ليصطحبه الى كربلاء للمشاركة في مراسيم الزيارة في يوم عاشوراء ، كان الجميع يجلس في غرفة المعيشة عندما خاطب الحاج احمد اخته ام مهدي :
_ اود اصطحاب مهدي الى كربلاء فما قولك يا اختاه ؟
اجابته بتردد :
_ لا ادري يا حاج هل بامكانه تحمل الزحام ؟ فهو لم يذهب سابقا و اخشى ان يسبب لك الارباك اثناء مسيرك .
ابتسم الخال بود وحنان لمهدي الذي كان يصغي لحديثهما وعلامات الارتباك الممزوجة بالاثارة تتراقص في عينيه :
_ سنذهب الى النجف اولا و ننطلق من هناك باتجاه كربلاء و سيكون بخير لا تقلقي ، مارأيك يا ابا مهدي هل توافق على ذهابه ؟
نظر ابو مهدي لولده :
_ انظر اليه ياحاج احمد الا يبدو لك خائفا ؟
قهقه الجميع بصوت واحد فقد كان منظره القلق يثير الضحك .
كان مهدي يخشى الذهاب خوفا من التزاحم والتدافع الذي يحصل بسبب التواجد المليوني للزائرين من كل اصقاع المعمورة و لكن بعد ان علم من خاله انهم سيمرون بالنجف خلال رحلتهم تحمس كثيرا للذهاب فالنجف بالنسبة له عشق من نوع اخر هنالك حيث قبة المعشوق تعانق السماء .
اجابهم بثقة :
_ لست خائفا انا فقط لا احب الزحام .


#يتبع ..
#خذني_هاربا_مني_تائباً😞 ..
#مشكاة_عشق / ٢٤ ...

مرت الاسابيع وماريا غارقة في بحثها عن امام العشق ايليا وفي احدى الايام و بعد ان انتصف الليل شعرت بالبرد بعد ان خمدت نار المدفئة فقامت من امام الحاسوب على مضض وخرجت من غرفتها لجلب قطع الخشب للمدفئة ، فعلى الرغم من كل محاولات الاساقفة في الدير لاقناع الاب جوزيف بتحديث المبنى وتزويده بالتدفئة المركزية الا انه اصرَّ على بقاء المبنى كما هو ولم يرد ان تنال يد الحضارة من اصالته واعتبر ان اي اضافة عصرية للدير ستنال من روحية المكان وتُفقدَه عبق الماضي السحيق .
كان الهدوء يعمُّ المكان فحاولت ان لاتثير ضجة وهي تحمل القطع الخشبية ، اغلقت باب الفناء الخلفي وكانت تهمُّ بالصعود الى غرفتها حينما لفت انتباهها الضوء المتسرب من اسفل باب المكتبة ، كانت دقات الساعة المعلقة على الجدار تعلن تمام الثانية فأستغربت من عساه يكون في المكتبة في مثل هذا الوقت .
وضعت الخشب ارضا واتجهت ناحية المكتبة وقرعت الباب فلم يجبها احد ففتحت الباب ودخلت ، كان الاب جوزيف غارقا في مطالعة احد الكتب المنتشرة على الطاولة الكبيرة التي تتوسط الغرفة وكان يبدو عليه انه يحلق في عالم اخر :
_ابتِ ؟
اجفل حينما اعاده صوتها الى ارض الواقع فرفع رأسه ونظر اليها بعينين دامعتين ، لم تتمالك ماريا نفسها فدمعت عيناها حينما نظرت لوجهه :
_ أبتِ ، مابك لما كل هذا الحزن والبكاء ؟
اجابها بصوتٍ خاشع :
_ انه امام العشق ياماريا .
نبض قلبها عندما سمعت كلماته المشابهة لكلمات مهدي ورددت :
_ ايليا ؟
_أجل يا ابنتي ايليا ، ابن عم خاتم الانبياء الذي بشر به السيد المسيح ذلك المسمى احمد .
تأملتْ الكتاب الذي يقرأ فيه الاب كان قديما وحوافه محترقة كأنه تعرض للحرق ولم يتبقَ منه سوى اوراقه الصفراء المهترئة وغلافه الجلدي السميك :
_ ماهذا الكتاب يا ابت ِو لِمَ حوافه محترقة هكذا ؟
_ كما اخبرتك سابقا عندما علم كبير الاساقفة بأمري قام بتهديدي ولاحقا قام باحضار الكتاب ورماه في مدفئة الدير لم يعلم حينها بوجودي في غرفة المكتبة لاني اختبئت خلف الستارة حينما دخل اليها وبعد خروجه سارعت الى المدفئة واخرجت منها الكتاب واطفئته بسرعة ورميت بدلا عنه كتابا اخر .
جلست ماريا عند قدمي الاب جوزيف و شعرت بأنها تسافر عبر الزمن وهي تصغي الى حديثه ، وطلبت منه ان يقرأ لها من الكتاب النصوص الانجيلية المبشرة بقدوم النبي الخاتم الذي سيحكم هو واخيه شبيه هارون بن عمران الارض وكيف سيرثون الارض بعد ظهور اخر الاوصياء من ذرية رسول السماء احمد .

#يتبع ..
#خذني_هاربا_مني_تائباً ..
مشكاة عشق / ٢٥ ..

اعاده صوت والدته الى الواقع مجددا:
_ مهدي ماذا يحدث معك منذ عودتك وانت شارد الذهن ، لقد برد فنجان الشاي .
نظر الى والدته بحب وهي تعيد الشاي الى الابريق :
_ سأسخنهُ واعود على الفور .
_حسنا ياامي .
وما ان قامت من كرسيها وخطت بضع خطوات بإتجاه المطبخ حتى استوقفها قليلا :
_امي .
التفتت اليه وقد آلمتها نبرته الحزينة :
_ اجل ياقرة عيني .
_انا اسف ياامي اعدك بأن اقص عليك كل ماحدث معي .
_لاتقلق ايها الحبيب امامنا الكثير من الوقت .
ابتسمت له بحنو وانصرفت الى المطبخ .
نظر مهدي حوله فشعر بالطمأنينة والدفء كانت حجرة المعيشة منسقة بالكثير من لمسات والدته المليئة بالحنان والمودة ، ابتسم وهو ينظر لزاوية الحجرة فما زالت والدته تحتفظ بذلك الحصان الخشبي الصغير الذي كان مهدي يمتطيه وهو صغيراً ، وماهي الا لحظات وشرد ذهنه مرة اخرى وتذكر تلك اللحظات التي ودعَّ فيها ماريا .
كان الفصل الدراسي قد اوشك على الانتهاء و كانت اعياد الميلاد على الابواب والاسواق تضج بالحركة وقد اكتظت الشوارع والقطارات بالناس لذا وجد مهدي صعوبة في الوصول الى مقر الرعاية الاجتماعية فاليوم هو الاخير في عمله مع الكنيسة وكان عليه مقابلة الاخت ماريا من اجل دراسة اخر الملفات التي استلمتها الكنيسة من سجن الاحداث .
حينما وصل كانت بأنتظاره فبادر الى الاعتذار :
_ ارجو المعذرة على تأخري ، لا ادري ماالذي دهى الناس انهم يتهافتون على شراء الهدايا بإفراط .
بدت ملامح الحزن واضحة على وجه ماريا :
_ اشعر بالحزن وانا اشاهد الناس تتهافت على الاسواق ويقومون بترسيخ عادات لاوجود لها في الديانة المسيحية ، فأسطورة ( سانتا كلوز ) وكيس الهدايا وشجرة الميلاد لاوجود لها بتاتا ، لقد عملت الحركات المعادية للشريعة السماوية على اغراق الناس بهذه التفاهات وافراغ الوجود المسيحي المقدس من محتواه ، صدقني يا سيدي ان الدين الاسلامي ليس هو الوحيد الذي نال منه التشويه بل المسيحية ايضاً لها اعدائها الساعين الى تشويهها ولو كان السيد المسيح حاضرا معنا اليوم لما رضى بهذا الامر .
كان يصغي لكلماتها بأنتباه وقد سرَّه كثيرا وعيها لما يجري حولها من مؤامرات ودسائس غايتها النيل من الاديان السماوية واتباعها ، تدارك اعجابه المتزايد ولعن شيطانه الذي يجره الى الاعجاب بشخصها فسارع الى القول :
_ احسنتم كثيرا ايتها الاخت ماريا .
هزت رأسها امتنانا وباشرا في دراسة الملف الاول .
بعد مضي ساعتين من النقاش والحوار اكملا عملهما وعندما همَّت ماريا بالانصراف استوقفها مهدي :
_ انسة ماريا اود ان اودعك فبعد ايام قليلة سأعود الى بلدي في اجازة الميلاد .
لاتدري ماريا ما الذي اصابها فقد شعرت بشيء ما يثقل على قلبها ولكنها سارعت الى توديعه :
_ اتمنى لك كل التوفيق وان تكون السنة الجديدة مباركة ومليئة بالعطاء والقرب من الرب .
هزَّ رأسه و ارتسمت ابتسامة باهتة على وجهه المتعب فهو الاخر كان يرزح تحت وطأة ثقل لايعرف ماهيته وهو يشاهدها تخطو بثبات خارج المبنى .


#يتبع ..
#خذني_هاربا_مني_تائباً