الطريق إلى التوبة
6.2K subscribers
10.2K photos
385 videos
243 files
5.34K links
قد تركتُ الكُلَّ ربّي ماعداك
ليس لي في غربةِ العمر سِواك...
حيثُ ما أنتَ فـ أفكاري هُناك..
قلبي الخفاقُ أضحۍ مضجعك..
في حنايا صدري أُخفي موضعك..

اي استفسار او ملاحظة ارسلها حصرا على هذا البوت

@altaubaa_bot

فهرس القناة
https://t.me/fhras_altauba
Download Telegram
#الان وقد عرفنا مشكلته لنقرأ جواب المستشار


أخي السائل: الذي أرسلته إلينا ليس سؤالاً، بل هو قطعة أدبية جميلة عالية الأسلوب رفيعة البيان، وهي تقدم وصفاً دقيقاً لحالة صاحبك، وتقدم مع الوصف التشخيصَ والتعليل، فلم يبقَ لي الكثير لأضيفه بعد ذلك كله.

أنت قلت إن صاحبك لا يعاني من أزمة فهم وعلم، بل من مشكلة عمل وتطبيق، وهذا صحيح.

ولعل مراقباً بعيداً يحكم على صاحبك حكماً قاسياً ويعتبره رقيق الدين ضعيف الإيمان، أما أنا فأراه على العكس من ذلك، وأحس بقوة إيمانه تخترق سطور رسالتك وتنطق بها كلماتها. إنه نموذج لشخص يؤمن بمبدئه إيماناً شديداً، لكن متطلبات النفس الضعيفة تعوقه عن الالتزام بتبعات هذا الإيمان. إنه صاحب إرادة هشة ضعيفة، ولو كان الذي يحمل مثلَ هذه الإرادة معدومَ الإيمان لوقع في كبائر المحرَّمات من أول يوم، غير أنه يحوم حولها ويقترب منها ثم لا يقع فيها. نعم، الذي يقترفه محرَّم، لكنه من صغائر الذنوب لا من كبائرها، ولو أنه أصر على الصغيرة لصارت كبيرة، لأنها لا صغائر مع الإصرار ولا كبائر مع الاستغفار، ولكنه يتوب ويعزم -كما يبدو من وصفك- ثم تضعف إرادته فينساق وراء شهواته ورغباته، فهذا ممّن يصحّ فيهم قول رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: "كفّارة الذنب الندامة"، وقوله: "لو عملتم الخطايا حتى تبلغ خطاياكم السماءَ ثم ندمتم لتاب الله عليكم"، وقوله: "إن العبد ليعمل الذنب فإذا ذكره أحزنه، وإذا نظر الله إليه قد أحزنه غفر له ما صنع قبل أن يأخذ في كفارته بلا صلاة و لا صيام". 

معنى هذه الاحاديث ليس غريباً عن مفهوم التوبة في الإسلام، والنبي صلى الله عليه واله وسلم يقول في الحديث القدسي الذي يرويه عن ربه تبارك وتعالى: "يا ابن آدم: إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي. يا ابن آدم: لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي. يا ابن آدم: إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة"، ، وله من بابه شواهد لا تحصى. إن باب التوبة في ديننا الرحيم العظيم لا يقارَن بسَعَته بابٌ، ولو أردت الاستقصاء لضاق بأحاديث التوبة هذا المقام، وإنما ذكرت الأحاديث الأولى لأنها جعلت "الندم" سبباً للمغفرة، والندم هو الخطوة الأولى في طريق التوبة، ولا يكون مع الندم إصرار واستكبار، لا يكون مع الندم إلا التوبة والاستغفار.

لنركّز على موطن العلة إذن، وأنت عرفتها فذكرتها، وهذه هي بكلماتك: "إنه يتمنى صلاح نفسه، ويريد أن يعيش السعادة الحقيقية، ويريد أن يكون ناجحاً في حياته الدنيا والأخرى، غير أنه ميت الهمة مقتول العزيمة". هذا هو لب المشكلة: همة ميتة وعزيمة خائرة. فهل من علاج لهذا الداء؟ 

الجواب: نعم، وهو قد يكون علاجاً طويلاً وشاقاً، ولكن أرجو أن يكون فيه البرء والشفاء إن شاء الله.
#يتبع
#الطريق_الى_الانقاذ