الطريق إلى التوبة
6.2K subscribers
10.2K photos
385 videos
243 files
5.34K links
قد تركتُ الكُلَّ ربّي ماعداك
ليس لي في غربةِ العمر سِواك...
حيثُ ما أنتَ فـ أفكاري هُناك..
قلبي الخفاقُ أضحۍ مضجعك..
في حنايا صدري أُخفي موضعك..

اي استفسار او ملاحظة ارسلها حصرا على هذا البوت

@altaubaa_bot

فهرس القناة
https://t.me/fhras_altauba
Download Telegram
الطريق إلى التوبة
Photo
الوقوع في براثن الذئاب العنكبوتية


#الطريق_الى_الانقاذ
    
اليكم نص المشكله : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أتمنى أن أجدَ ردًّا لمشكلتي؛ عله يُنقذني مما أنا فيه.
علاقتي بأمي وأبي سطحيَّة جدًّا، لا سلام، ولا كلام، إلا نادرًا، أو عن الدراسة فقط، حينما يحين وقتُ الأكل نجتمع دون حديثٍ إلى أن ننتهي، نقوم دون أيِّ حوار أو نِقاش!

أدَّى هذا الأمرُ إلى تعرُّفي إلى شابٍّ، وجدتُ معه الأمانَ والحنان، والعطفَ والحبَّ، وجدتُ لديه ما ينقصني، ووجد لديَّ ما ينقصه!

علاقتي مع هذا الشابِّ حوارٌ وحديثٌ بصوتٍ ودون صوت، وصور، لكنني إلى الآن لم أخرجْ معه أو أقابلْه، وإذا طلَب مني ذلك أرفض، وأتوقَّف عن الحديث معه مدة، ثُمَّ أعود وأخبره بألا يتحدثَ في هذا الأمر مرة أخرى؛ وأني متى أردتُ أن آتي إليك فسآتي، مع العلم أنني لن أفكرَ في مُقابلته مطلقًا؛ لأنني أخاف أن يكشفَ اللهُ ستره عليَّ، فقد سترني اللهُ كثيرًا!

لكنني كثيرًا ما أتهاون في ذلك، لم أجدْ مَن ينصحني ويُرشدني ويُوَجِّهني، وأخاف أن أخبرَ أحدًا ممن هم في حياتي؛ فأسقط من أعينهم، وقد يفضحونني؛ فاتخذتُ الصمتَ حلًّا لي.

حاولتُ إنقاذ نفسي كثيرًا، لكنني لم أستطعْ، علمًا بأنني فتاةٌ متديِّنة من أسرةٍ محافظة، لا أعلم كيف أتركه، ولا أعلم ماذا سيحدث بعد ذلك؟! فهو يحبني كثيرًا لدرجة الجُنُون، لا رفاق لديه، وهو على خلاف مع والده وأخيه، وليس لديه سواي - مثلما يقول - ومثلما يشعرني به، يتحمَّل أعباءً كثيرة ليُحادثني، بالرغم مِن قلة حاله المادي، يفعل كل ما يقدر عليه لإسعادي، فهو رجلٌ حساس جدًّا، يغضب ويحزن على أقل شيء، حالُه لا يعلم به إلا اللهُ، أنا أعيش صراعًا داخليًّا، فلا أعلم أأتركه؟ أو أبقى معه؟

إن تركتُه، فقد يتعب بسببي، وينهك جسده، وتخور قواه، وإن بقيتُ معه؛ فإن ربي غاضب عليَّ كثيرًا، فلا أعلم ماذا أفعل؟ وأنا أعلم أن كل ذلك حرام، ولا يجوز فعله أبدًا!

أرشدوني جزاكم الله خيرًا، ماذا أفعل؟ وكيف أتركه؟ وكيف أبعد عن هذا الدرب الذي سلكتُه؛ فأنا والله كلما أحادثه أستمع إلى القرآن؛ عله يهديني، علَّ شيئًا منه يدخل إلى صدري ويوقظني مما أنا فيه.

استمعتُ إلى مشايخَ ودروس كثيرة لأتأثر وأبتعدَ عنه، لكنها لم تفلحْ، ولا أعلم ما الطريقة الصحيحة لكي أبتعد عنه؟ فأنا أحبه كثيرًا، ولا أريد له مزيدًا من التعَب والضغوط النفسيَّة، فيكفيه ما يعيش فيه الآن!

🔸واليكم الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

لولا أن ردَّ السلام واجبٌ شرعي، لجعلتُ أول حديثي إليكِ كلمتكِ: "أدَّى ذلك إلى..." - مجرد عَلاقة، تعلِّقين عليها خطأ الوقوع في تلك العلاقة والتيه بين سراديبها المظلمة!

أتظنين أن قلة الحِوار في منزلكم، وضعفَ الترابُط الأسري؛ كان السبب الأوحد لما يحدث؟ أتحسبين أن كلَّ الفتيات ممن يُعانين نقص الحنان، ويتعطَّشنَ للمحبة من الأهل، وتتوق أنفسهنَّ لكلمات التشجيع وعبارات المودة؛ لا بد وأن يقعْنَ فيما وقعتِ فيه؟

اعلمي يا صغيرتي أنَّ الفتاة - في عُمركِ، وفي كلِّ الأعمار حقيقةً - تهفو نفسُها لسماع كلمات المحبة, وتطرب نفسها لعبارة تُشعرها بقيمتِها ومكانتها, ويهفو قلبها لمن يُعلن أنه يحبها، ولا يستطيع أن يحيا بدونها، أو غيرها من الأوتار الحسَّاسة التي يُجِيد اللَّعب عليها شياطينُ الإنس المنتشرون هنا وهناك!

لكن ضعف الترابُط الأسري - وإن كنتُ لا أُنكر دوره - ليس المسؤول عن سقوط الفتاة بين براثن الذئاب العنكبوتيَّة؛ فالعاطفةُ التي تحتاج إليها الفتاةُ في هذا العمر تختلف كثيرًا عما يمدها به الأهلُ, هي عاطفة جِبِلِّيَّة بين رجلٍ وامرأة, ولا ينجو من العلاقات المحرَّمة إلا مَن سلَّح نفسه بسلاح الإيمان، وأحاط نفسه الضعيفة وقلبه الواهن بسور الشرع المتين.

لا بُدَّ أن أعترف لكِ أن العَلاقة أخذتْ تسير في المنعطف الأخير والمنحنى الخطير؛ فعلى حسب ما رأيتُ من حالات كثيرة، يكون التدرُّج الذي يتبعه الشابُّ مع الفتاة - أو "السيناريو الخبيث" - على النحو التالي:

1- يُبدي إعجابَه بها, ثم يتركها لتسعدَ بتلك المشاعر التي تعطيها نشوةً.

2- يُعلن حبَّه لها, والنفس جُبلتْ على حُب مَن يُحسِن إليها، ولو بكلمة!

3- يخبرها أنها أغلى عنده مِن الذهب الخالص، وأنه يخشى عليها أكثر مما يخشى على نفسه, لماذا هذه الخطوة؟ ليكسبَ ثقتها, فتمده - بكلِّ بلاهة - بما يشاء.

4- يترك عمله لينضجَ، وهو في هذا الوقت يبتعد ويقترب؛ ليلهبَ مَشاعِرها, ويشعرها بأن بعدَه عنها أصبح عسيرًا، إن لم يكنْ مُستحيلًا.

5- يبدأ بطلب سماع صوتها, فقد اشتاق لسماع صوت مَن يُحب!

6- لا يستطيع أن يتعامل مع من لا يعرف شكلها, فيطلب صورةً لها, وقد اعترف لها بأنه يخشى عليها، وأن واجبه الحِفاظ عليها, فكيف لا تثق به؟

#يتبع
الطريق إلى التوبة
Photo
#الطريق_الى_الانقاذ

علاقات محرمة وأهل غافلون

 
اليكم قصة مشكلتها
 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا عانَيت كثيرًا في حياتي، وأهلي من النوع المتشدِّد إلى حدٍّ ما، لكن لا أقول إلاَّ الحمد لله على كل حال، أنا الآن في مشكلة ولا أريد أن أُسمِّيها مشكلة، لكنني في وضْع أشعر فيه بالحَيْرة.


مرَرت بقصة حبٍّ فاشلة، كما كان يُسَمِّيها هو وانتَهَت بالفراق؛ لأنني لَم أُطعه، ولَم أُوافِق على الخروج معه، فأَخْبرت والدتي وقتها؛ لكي تكونَ معي، ولأنني كنت خائفة من أن أضْعَف أمام نفسي وأُطيعه، ووالدتي أخْبَرت والدِي وكلَّ مَن في البيت، وحدَث الكثير من المشكلات في الوقت الذي كنتُ أحتاج فيه إلى حنانهم، عامَلوني بقسوة جَعَلتني أندمُ أنني صارَحتها بشيءٍ شخصي طوال حياتي، تحمَّلت الكثير من الكلام القاسي والمعاملة القاسية، لكنَّ الله وحْدَه يعلم أنني فعَلت ذلك من أجْل ألاَّ أقعَ في الحرام.


استمرَّ الوضع إلى ما يَقرُب من سنة، إلى أن قَدِم إخواني من البلد الذي كانوا يدرسون فيه، وتغيَّرت معاملة أهلي للأَسوأ، بل هي لَم تتغيَّر؛ فهم كانوا يُمَيِّزون الأولاد عن البنات، وضُرِبتُ كثيرًا لأسبابٍ وأمور تافهة، كَرِهت ظُلمهم للبنت ومعاملتهم القاسية لمجرَّد أنها بنتٌ.


تعرَّفت بعد ذلك على شخص لا أكذب إن قُلت: إنني طوال حياتي لَم أجد شخصًا يحنُّ عليّ هكذا، يبكي إن بَكَيت، يتضايَق إن تَضايَقت، لكنه من جنسيَّة عربيَّة أخرى غير جنسيَّتي، وهو أيضًا مُقيم في بلد غير البلد الذي أُقيم فيه، عرَفته عن طريق النت، تحدَّثنا في موضوعات كان من المفترض ألاَّ يتحدَّث فيها شخصان لا يَربطهما علاقة رسميَّة، وقلت له ذلك، وكان دائمًا يرد قائلاً: أنت ستكونين زوجتي، وأنتِ كلُّ شيء في حياتي، وأنتِ عِرضي وشرفي، وبعد ذلك تُبْت عن حديثنا هذا، وقلت له:لن أسمحَ لنفسي أن أُغضب الله في هذا، ولا أُريد أن أقول ماذا فعلنا أيضًا؛ لأنني أخجل من الله ومن نفسي مما كنَّا نفعل، لكنني تُبْت من كلِّ ذلك، والله أعلم بنيَّتي الصافية طوال مُدَّتي التي قضيْتُها مع هذا الشخص، كان هناك شخصٌ في الجامعة أشعر باهتمامه الغريب بي، ولكنني لَم أكن أُعِره اهتمامًا؛ خوفًا من أن أكون أُبالغ في هذا، ولكن يومًا بعد يوم يتأكَّد لَدَي هذا الشعور، فهو لا ينظر إلى أي فتاة غيري، وإن جئتُ أسأل أحد أساتذتي، أجده قريبًا يُراقبني عن بُعدٍ.


هو شخص محترم، حتى نظراته تكون بأدبٍ وخجلٍ، وكذا تعامُله مع الجميع، فهو عاقل ورَزين مثلما يقولون.


لا أعلم ماذا يحدث لي الآن، بدَأْت أشعر أنني أريده أن يكون موجودًا في كل مكان، أشعر بالراحة والأمان، أصبَحت أميل إليه كثيرًا، بل أصبحت أتمنَّاه زوجًا، وأدعو الله - إن كان لي الخير معه - أن يَجعله من نصيبي.


قبل مدَّة كانت لدي مشكلة في تسجيل إحدى المواد وهو المسؤول عن ذلك، فذَهَبت إليه ومعي والدتي، سألني وقتها: متى سأتخرَّج؟ وأجَبته وهو يُعاملني باحترامٍ كبير، وعندما خرَجنا من عنده، قالت والدتي: إنه رجل رَزين ومُحترم، وهي لا تعرف أيَّ شيءٍ طبعًا، لكنه متزوِّج ولَدَيه ولدان، وربما يكون أكبر مني بـ14 سنة، وعَرَفت كلَّ ذلك بعد أن تعلَّقت به.


دائما أُفكر فيما إذا تقدَّم لي، هل سيوافق أهلي عليه؟ وأخاف على زوجته وأطفاله، أخاف أن أهدمَ حياته، مع أنني إنسان مسالِمة، لا أحب المشاكل، وأحب جميع الناس، ودائمًا أُفكر في سعادة غيري قبل سعادتي، لا يهمُّني كم يَكبرني؛ فدائمًا أفضِّل الشخص العاقل والخجول والمُتَّزن.


أريد رأيكم؟ وهل يجوز لي أن أدعوَ الله إن كان مكتوبًا لي الخيرُ معه أن يكونَ من نصيبي؟ مع العلم - والحمد لله - أنني إنسانة ملتزمة ومحترمة.

 

وإن كنتُ أُخطئ بعض الأحيان، ولباسي - والحمد لله - كاملٌ ومستور، وعن قناعة من نفسي


#يتبع
الطريق إلى التوبة
Photo
#الطريق_الى_الانقاذ
الجواب من المستشار النفسي
 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

مشكلة كبرى أن نفسِّر أفعال مَن حولنا ونَربطها بقرائن من عندنا، ونتَّخذها دليلاً لنا ونطوِّرها؛ لتُصبح وكأنها حقيقة مؤَكَّدة، ثم نرى أنفسنا على أعتاب اتِّخاذ القرار الذي لَم نكن بحاجة لاتِّخاذه، ولَم نكن بصَدده، إلاَّ عن طريق أحلامنا وسبيل آمالنا.

 

هي قرائن لا أساس لها على أرض الواقع، رسَمَها خيالكِ نتيجة مشاعر لَدَيكِ، فقد بدا من تعبيراتكِ وإفصاحكِ عن خلجات نفسكِ أنكِ تعيشين الموقف بكلِّ عواطفكِ، فتُترجم تلك العواطف كلَّ حركة وكلَّ لَفتة منه، وكأنها إشارات يُرسلها قلبه إلى قلبكِ، ولَم أجد لذلك أثرًا حقيقيًّا أو دليلاً واقعيًّا.

 

مؤلِمة هي الحقيقة، لكنها ضرورية عندما نَسبح في عالم الخيال الجميل، ونَرتع في بستان الأُمنيات الأخضر، ونلهو فوق أعشاب الوهم اليانعة، ونَرتشف رحيق أزهار المحبَّة الزائفة، ضرورية؛ لأنها تُعيدنا إلى أرض الواقع، وتُجبرنا على الإفاقة بعد الغَرق في بحر الأوهام الذي لا ساحلَ له.



أنتِ - كما أشرتِ - فتاة غِرٌّ، حُرِمت مشاعر الحب، فصار قلبها متعطِّشًا لهَمَسات الحنان، ونفسها فاقدة الثقة في أقرب المقرَّبين، تعرَّضتِ لموقف أبعدكِ نفسيًّا وقلبيًّا عن والدتك وإخوانكِ الذين كان لتفضيلهم عليكنَّ أعظم الأثر السيِّئ في نفسكِ، فصار البحث عن الحب المنشود والتنقيب عن الحنان المفقود هدفَكِ الأوَّل، ومَرامكِ الرئيس.

 

لاحِظي كيف كنتِ تبحثين عن كلمة حب ولو لَم تكن حقيقية، شاب يبكي لبكائكِ ويتألَّم لألَمكِ، كان من السهل أن تسير نحوه مشاعركِ وتتحرَّكِ له عواطفكِ، ثم تعود لتُبصر ما هو أقرب لواقعها، وأنفع لحالها، فتعلَّقت به وصارَت تفسِّر أفعاله على نحو يُرضيها ويُشبع رغباتها. راقبي كلماتكِ: "أشعر باهتمامه الغريب"، "يومًا بعد يوم يتأكَّد لَدَي هذا"، بدأتْ أشعر أنني أريده أن يكون موجودًا في كلِّ مكان"، "أشعر بالراحة والأمان"، "أميل إليه كثيرًا"، "أتمنَّاه زوجًا".

 

كلها مشاعر داخلية لَدَيكِ لا علاقة له بها، وما يُدريكِ أنه لا يَنظر إلى فتاة غيركِ؟ أتُرافقينه في ليله ونهاره؛ لتطَّلعي على هذا الأمر، أم هي مجرَّد سويعات أو لحظات حَكَمتِ عليه من خلالها؟! ينظر إليكِ بأدبٍ وحياء؟! لله دَرُّ الحياء!

 

الله تعالى يقول: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾ [النور: 30].

 

لَم يأمُرهم بإطلاق أبصارهم فيما حرَّم الله ما دامَت النظرات مَقرونة بالأدب والحياء! بل أمَرَهم بغَضِّ البصر نهائيًّا وكفِّه عن الحرام؛ لئلا يَفتِنون ويُفتَنون.

 

تَخافين على أهله من نفسكِ؟ هذا شعور طيِّب لكنه غير كافٍ، عليكِ أن تخافي على نفسكِ كما تخافين عليهم، تخافين عليها من الوقوع فريسة مرة ثالثة، وضحيَّة لمشاعر الحِرمان العاطفي، تخافين عليها من عقاب الله على إطلاق البصر؛﴿ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ ﴾ [النور: 31].

 

تخافين عليها من الزَّلل والسير وراء سرابٍ، تخافين عليها من الانجراف في تيَّار الهوى الخدَّاع، والانزلاق في مهالكه الفتَّاكة.

 

مشكلتكِ - بكلِّ أسفٍ - عامَّة ومنتشرة بشكلٍ كبير، وتعاني منها آلاف الفتيات في عمركِ، فلا يَجِدْنَ من الأهل مَن يمدُّ لَهُنَّ يدَ العون، أو يُخفِّف عنهنَّ ألَمَهُنَّ، أو يروي عطشهنَّ العاطفي ولو بكلمة طيِّبة، وقد آلَمني حقًّا ما وجَدتِ من ردَّة فِعلٍ غير متوقَّعة من الوالدة، والتي كان يُفترض بها أن تكون ملاذَكِ الآمن وحِصنَكِ ضد الفتن، لكن هل نَهرب من واقعنا إلى عالم الخيال الذي لا يفيق أهله إلاَّ على صفعات وضَرَبات، فلا يُسْمَع لهم إلا أنَّات وآهات؟ هل نبقى عاجزين وفي أمرنا حائرين؟

 

لماذا تظنُّ الفتاة - التي لا تجد العطف والمحبَّة داخل البيت - أنها لن تَعثر عليها إلاَّ مع الرجال الأجانب؟! مَن قال: إنهم سيكونون أكثر عطفًا وأشملَ رحمةً بهنَّ من الأهل والأقارب؟!

 

ما تحدَّثتِ عنه وما ذكرتِه من مواقف صارَت بينكما، يحدث في جميع أماكن الاختلاط، وبالأخص في الجامعات ودور التعليم؛ حيث الفتيات المراهقات والمشاعر الجيَّاشة، نظرات لا تقدِّم ولا تؤخِّر، دَلالات وعلامات، وإشارات بلا أساسيات ولا خُطوات واضحات!

 #يتبع
الطريق إلى التوبة
Photo
#التكمله
#الطريق_الى_الانقاذ


تعرَّفي على صديقات وتقرَّبي إلى الصالحات من الزميلات؛ فخير ما يتَّخذ المرء في هذه الحياة خِلٌّ وفيٌّ، وصديقٌ حقيقي، أشْبِعي عاطفتكِ وارْوِي ظمأ قلبكِ ببَذْل المزيد من العطاء والحُنو على أُخَيَّاتكِ الصغيرات، إن كنَّ يُلاقِينَ مثل ما لاقَيتِ من سوء المعاملة والتفريق بين البنين والبنات، في زمنٍ أصبَح العدل فيه عنوان الحياة!

 

تفوَّقي في مجال دراستكِ، وأثْبتي لنفسكِ ولِمَن حولكِ أنَّ الشاب لا يَفْضل الفتاة في مجال العلم، ولا يستحقُّ مزيدَ اهتمام أو اعتناء.

 

استمتعي بطعم النجاح، وتغلَّبي على كل ألَمٍ نفسي بتذوّق طعمه، وارتشاف رَحيقه العذب، ولا تَهربي إلى أحلام وأوهام وآمال، تعمل عمل المُسكِّن الذي يُهَدِّئ الألَم؛ ليَدعه يعود أقوى وأشد فَتْكًا بصاحبه.

 

لا أنصحكِ أن تشغلي نفسكِ وقلبكِ وفكركِ بالدعاء أن يَجعله الله لكِ زوجًا؛ فقد يأتيك من الرزق ما يَسعد به قلبكِ، وتَقَرُّ به عينكِ في الدنيا والآخرة، وقد جرَّبتِ استمرار العلاقة قبل ذلك مرَّتين، ثم لَم يكن إلا الفراق، فلا تُكَرِّري المحاولة بعد أنِ ازْدَاد عقلكِ علمًا، واتَّسعت مدارككِ، واستنار قلبكِ بنور الحِكمة، وسَلي الله أن يَصطفي لكِ من عباده مَن يعلم صلاحه وخَيريَّته، ومَن تكون معه السعادة والهناء والرضا.

 

وفَّقكِ الله وأصْلَح حالكِ، ويسَّر أمركِ، وعَصَم قلبكِ من الزَّلل
اليأس من صلاح النفس


#الطريق_الى_الانقاذ

#اقرأوا نص المشكله مع الجواب من المستشار وخذوا مايفيدكم منها أما اذا وجدتم جانب فيها لا يفيدكم فتجاهلوه


#المشكله

أود استشارتكم - حفظكم الله تعالى -  في موضوع أخٍ عزيزٍ عليَّ جداً، قد احترت جداً في إصلاحه، والصلاح بيد الله وحده. هذا الأخ يحب الالتزام، ويكثر القراءة كثيراً في كتب العلم الشرعي ، ولكنه مبتلىً جداً جداً بحب الشهوات، خاصةً شهوةَ النساء والحرام ، وهو وإن لم يواقع الزنا، إلا أنه مدمنٌ النظر إلى المواقع الإباحية، ومدمنٌ ممارسةَ العادة السرية، وهو ميتُ العزيمةِ وليس واهنها، بل عزيمتهُ ميتةٌ ميتة، لا يستطيع المداومة على أمرٍ من أوامر الله تعالى، حتى الصلاة، لا يستطيع أن يداوم عليها، كسولٌ جداً جداً في أمور الطاعات بل وحتى في أمور الدنيا، وهو الآن طالب في الجامعة وهو كثيرُ الغيابِ عن المحاضرات، ولا يداوم إلا لماماً حتى أنه تعرض للفصل من الجامعة أكثر من مرة، ورغم ارتفاع مستواه العلمي وتفكيره نظراً لحبه القراءة والكتابة؛ إلا أنه تعرض كثيراً للحرمان في عدد كبيرٍ من المساقات التي يدرسها في الجامعة، وحُرِمَ بالتالي من دخول الاختبارات، وأدى ذلك إلى انخفاض معدله التراكمي بشكلٍ كبيرٍ، على الرغم من أنه يدرس في مجالٍ يحبه جداً، ويتقن الكثير من المقررات الخاصة به، وباختصار: صاحبي أزمته أزمة عمل لا علم، فهو يقرأ كثيراً، وقرأ عن علو الهمة، وتطوير الذات وعدم اليأس، وعن أهمية النشاط والعمل، غير أنه لم يستطع أن يتقدم خطوةً واحدةً في الاتجاه الصحيح، وهو قد ضاق بنفسه ذرعاً، ويئس من صلاحها يأساً ظاهراً، حتى ظن والعياذ بالله أنه إنما خلق للجحيم لا للنعيم، ويظن أن موته أنفع من حياته، ويتعرض كثيراً لأزماتٍ ماديةٍ، ودنيويةٍ، وعمليةٍ، وفي الجامعة، ويخشى على نفسه الفضيحة، وحالته النفسية سيئةٌ جداً، حتى أنه فكر في الانتحار، والعجيب أنه يتمنى صلاح نفسه، ويريد أن يعيش السعادة الحقيقية، ويريد أن يكون ناجحا في حياته الدنيا والأخرى، غير أنه ميت الهمة، مقتول العزيمة، لا نشاط عنده، يتمنى أن يتخلص من مستنقع الشهوات، وأن يسبح في بحر الأمان في طاعة الرحمن، إلا أنه لا يقوى على السير في درب الهداية وعلى تحمل المشاق التي فيه، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وقد حاول كثيراً الالتزام بشرع الله المطهر، والصلاة والبعد عن الفتن وعن الفواحش، وغيرها من المعاصي والمنكرات، إلا أنه دائماً وأبداً تصاب محاولاته بالفشل الذريع، ولا يستطيع الاستمرار، بل لا بد من أن ينقطع في احدى مراحل الطريق، وإن انقطع بلغ اليأس من قلبه كل مبلغ، وشعر أنه لا فائدة تُرْجى له من الحياة، والله تعالى المستعان!! أنا قد اختصرت لكم حاله اختصارا، فهل عندكم من علاجٍ له أيها الفضلاء؟ جزاكم الله خيراً، وجعلكم مفاتيح للخير، وهداةً إلى الله تعالى ودالينَ عليه.

#يتبع
#الان وقد عرفنا مشكلته لنقرأ جواب المستشار


أخي السائل: الذي أرسلته إلينا ليس سؤالاً، بل هو قطعة أدبية جميلة عالية الأسلوب رفيعة البيان، وهي تقدم وصفاً دقيقاً لحالة صاحبك، وتقدم مع الوصف التشخيصَ والتعليل، فلم يبقَ لي الكثير لأضيفه بعد ذلك كله.

أنت قلت إن صاحبك لا يعاني من أزمة فهم وعلم، بل من مشكلة عمل وتطبيق، وهذا صحيح.

ولعل مراقباً بعيداً يحكم على صاحبك حكماً قاسياً ويعتبره رقيق الدين ضعيف الإيمان، أما أنا فأراه على العكس من ذلك، وأحس بقوة إيمانه تخترق سطور رسالتك وتنطق بها كلماتها. إنه نموذج لشخص يؤمن بمبدئه إيماناً شديداً، لكن متطلبات النفس الضعيفة تعوقه عن الالتزام بتبعات هذا الإيمان. إنه صاحب إرادة هشة ضعيفة، ولو كان الذي يحمل مثلَ هذه الإرادة معدومَ الإيمان لوقع في كبائر المحرَّمات من أول يوم، غير أنه يحوم حولها ويقترب منها ثم لا يقع فيها. نعم، الذي يقترفه محرَّم، لكنه من صغائر الذنوب لا من كبائرها، ولو أنه أصر على الصغيرة لصارت كبيرة، لأنها لا صغائر مع الإصرار ولا كبائر مع الاستغفار، ولكنه يتوب ويعزم -كما يبدو من وصفك- ثم تضعف إرادته فينساق وراء شهواته ورغباته، فهذا ممّن يصحّ فيهم قول رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: "كفّارة الذنب الندامة"، وقوله: "لو عملتم الخطايا حتى تبلغ خطاياكم السماءَ ثم ندمتم لتاب الله عليكم"، وقوله: "إن العبد ليعمل الذنب فإذا ذكره أحزنه، وإذا نظر الله إليه قد أحزنه غفر له ما صنع قبل أن يأخذ في كفارته بلا صلاة و لا صيام". 

معنى هذه الاحاديث ليس غريباً عن مفهوم التوبة في الإسلام، والنبي صلى الله عليه واله وسلم يقول في الحديث القدسي الذي يرويه عن ربه تبارك وتعالى: "يا ابن آدم: إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي. يا ابن آدم: لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي. يا ابن آدم: إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة"، ، وله من بابه شواهد لا تحصى. إن باب التوبة في ديننا الرحيم العظيم لا يقارَن بسَعَته بابٌ، ولو أردت الاستقصاء لضاق بأحاديث التوبة هذا المقام، وإنما ذكرت الأحاديث الأولى لأنها جعلت "الندم" سبباً للمغفرة، والندم هو الخطوة الأولى في طريق التوبة، ولا يكون مع الندم إصرار واستكبار، لا يكون مع الندم إلا التوبة والاستغفار.

لنركّز على موطن العلة إذن، وأنت عرفتها فذكرتها، وهذه هي بكلماتك: "إنه يتمنى صلاح نفسه، ويريد أن يعيش السعادة الحقيقية، ويريد أن يكون ناجحاً في حياته الدنيا والأخرى، غير أنه ميت الهمة مقتول العزيمة". هذا هو لب المشكلة: همة ميتة وعزيمة خائرة. فهل من علاج لهذا الداء؟ 

الجواب: نعم، وهو قد يكون علاجاً طويلاً وشاقاً، ولكن أرجو أن يكون فيه البرء والشفاء إن شاء الله.
#يتبع
#الطريق_الى_الانقاذ
#التكمله

الصوفية اشتغلوا من قديم بهذا الأمر وسمَّوه "رياضة"، فإذا ذُكرت الرياضة عندهم لم تخطر ببالهم منافسات الجري وألعاب الكرة وغيرها مما يسميه الناس اليومَ رياضةً، بل فهموا منها "رياضة النفس ومجاهدتها"، وللغزالي كلام طويل في هذا الموضوع في "إحيائه"، وهو في ربع الكتاب الثالث الذي سمّاه "ربع المهلكات". ولست أنصح بقراءة "الإحياء" قراءة استسلام وقَبول على الجملة، ولكنْ قراءة نقد وانتقاء، فما كان فيه صالحاً نافعاً (وهو كثير) أخذنا به، وما كان من تخليطات الصوفية (وهو كثير أيضاً) فلا حاجة لنا به. الغزالي يعرّف هذه الرياضة في كتابه بأنها تكلُّف الإقبال على الأفعال الحميدة وتكلُّف الابتعاد عن الأفعال القبيحة، حتى يصير الإقبال على الأولى واجتناب الثانية طبعاً في النفس لا تكلفاً وتصنّعاً. 

وخلاصة هذه الفكرة -بلغتنا العصرية- هي أن المرء إذا أكره نفسه على أمر صعب، ثم استمر في مجاهدة نفسه وحملها على الأمر نفسه مرة بعد مرة، فإنه يصير في النهاية أمراً تلقائياً يصنعه باسترخاء وبلا تعب؛ كمن يحمل نفسه على القيام لصلاة الفجر، فإنه يجد في هجر فراشه الدافئ والقيام للصلاة أول مرة صعوبة بالغة، وفي المرة الثانية تنقص هذه الصعوبة شيئاً يسيراً، واحداً بالمئة مثلاً، ثم تنقص قليلاً في المرة الثالثة وفي الرابعة، وما تزال كذلك في نقصان حتى يصير القيام للصلاة أمراً يسيراً هو إلى العادة أقرب منه إلى التكلف.

وهذا كله ليس إلاّ "فن تقوية الإرادة"، وهو أمر ممكن بالممارسة. أنا شخصياً أعتقد أن "الإرادة" يمكن تقويتها كما تقوَّى أيُّ عضلة من عضلات الجسم بالتمرين المستمر، فالرياضي الذي يريد امتلاك ذراعين قويتين يمارس تمارين الضغط بصورة متكررة، فيتمدد على بطنه ويثبت ذراعية بحذاء صدره ويشد قامته، ثم يحرك جسمه ارتفاعاً عن الأرض وانخفاضاً، مرة بعد مرة. ولكنه لا يبدأ بخمسين "ضَغْطة" منذ اليوم الأولى، فإنه لن يطيقها، بل يبدأ باثنتين أو بثلاث ويداوم عليها أياماً، ثم يزيدها ضَغْطة أخرى ذات يوم ويستمر أياماً، ويكرر الأمر على هذه الصورة، فما يزال يزيد عدد الضغطات واحدة في كل عدة أيام ويحمل نفسه عليها، حتى يأتي يوم تصبح فيه الضغطات الخمسون بمثل سهولة الثلاث يوم بدأ أول مرة.

ما فعله هذا الرياضي بعضلات ذراعيه هو ما يمكن أن يفعله أي واحد بإرادته، فإذا كان ضحية للتدخين وكان من عادته أن يدخن في اليوم ثلاثين دَخينة فإنه يقرر أن يدخن في أحد الأيام تسعاً وعشرين، ويقاوم رغبته في الدخينة الإضافية مهما يكن إلحاح نفسه، ويكرر الأمر نفسه من الغد وفي الأيام التي بعده، وفي اليوم الخامس ينقص دخينة أخرى فتصبح حصته ثمانياً وعشرين، وما يزال يقاوم رغبة نفسه بإرادته حتى يصل إلى ترك التدخين كله.

#الطريق_الى_الانقاذ
#التكمله
فليصنع صاحبك الأمرَ نفسه مع ما ابتُلي به من أمور: ليقاوم رغبته في النوم والغياب عن واحدة من المحاضرات مرة في الأسبوع، وليداوم على ذلك أسابيع، ثم ليصنع ذلك مع محاضرتين في الأسبوع ويستمر على ذلك أسابيع، وما يزال يزيد التزامه بالدوام قليلاً قليلاً حتى يألفه ويهجر الغياب. وليصنع بما يمارسه من عادة السوء الصنيع نفسه: إذا كان من عادته أن يكرر الأمر يوماً بعد يوم فليجاهد نفسه على دفعه يوماً واحداً في كل مرة. فإذا نجح في ذلك وصار يصنعه في الثلاثة الأيام مرة فليدفعه يوماً آخر، وليَثْبت على ما اكتسبه حتى يصير هيناً عليه أن يصنعه في الأربعة الأيام مرة... وما يزال يباعد بين الفعل والفعل حتى يجد أنه يعيش الأيام الطوال مرتاحاً خالي البال بلا شيء من ذلك، فيألف حياته الجديدة ويترك ما كان منه.

هذا الأسلوب ينجّي صانعه من النكسات المؤلمة، لأن القَسْر والقهر الشديدين قد لا تحتملهما النفس الضعيفة فتسقط وتتراجع، أي أنه لو عزم على ترك ما يفعله فجأة والانقطاع عنه بلا تدرج ولا تمرين فربما لا ينجح في الثبات على الوضع الجديد، فإذا ضعف فانتكس وعاد إلى قديمه أصابه اليأس والإحباط، وأنت نفسك أشرت إلى شيء من هذا حين قلت: "تصاب محاولاته بالفشل الذريع ولا يستطيع الاستمرار، بل لا بد من أن ينقطع في إحدى مراحل الطريق، وإن انقطع بلغ اليأس من قلبه كل مبلغ وشعر أنه لا فائدة تُرْجى له من الحياة". ولو كان صاحبَ إرادة قوية صلبة لكان احتمال نجاح "الانقطاع المفاجئ عن العمل السيئ" احتمالاً كبيراً، أمَا وقد علمنا أن إرادته دون ذلك قوةً فلا يحسن أن نمشي به في طريق يزيد فيه احتمال الانتكاس والارتداد، وخيرٌ له أن يسلك طريق التدرج والتمرين.

هذه هي الطريقة الوحيدة لتقوية الإرادة: المران والمثابرة. والإرادة إذا قَوِيَت أحالت الإنسان غيرَ الإنسان، حتى ليجد المرء أنه قد وُلد خَلْقاً آخر جديداً غير ما عهد من قبل. على أن من المناسب أن أشير هنا إلى أن علماء النفس لا يعترفون بهذه "الإرادة" بالصورة التي وصفتُها آنفاً، وهم إذا استخدموا هذا المصطلح لم يستخدموه إلا للتفريق بين السلوك الذي يسلكه المرء بإرادته، فهو عندهم "سلوك إرادي"، والسلوك الذي يسلكه بغير إرادة منه، وهو عندهم "سلوك لاإرادي". وهم يعلّلون عمل المرء حين يُقدم على أمر من الأمور وينصرف عن آخر سواه بأنه يستجيب لرغبة ويُعرض عن رغبة، فهي عندهم "رغبات" يختار منها المرء ويدع؛ فإذا رنَّت ساعة المنبِّه إلى جنب سريرك صباحاً تنازعَتْك رغبةُ البقاء في السرير والاستمرار في النوم من جهة، ورغبةُ المحافظة على الوظيفة وكسب المال من جهة، وبالنتيجة تنتصر رغبتك الثانية على الأولى، فتقوم من سريرك كارهاً وتجهّز نفسك وتذهب إلى العمل. هذا مثال بسيط لما نقوم به كلما اضطررنا إلى الموازنة بين رغبة ورغبة. 

وهذا الذي يقوله علماء النفس صحيح، فالإرادة معناها أعَمُّ من أن يُحصَر في الأمر الصعب النافع، لأنك تحتاج إلى الإرادة لكي تقرأ كتاباً مفيداً وتحتاج إلى الإرادة لتشاهد فلماً سخيفاً، والمرء يحتاج إلى الإرادة للذهاب إلى المسجد أو إلى الملهى، وبالإرادة يصوم مَن صام وبالإرادة يفطر من أفطر... وهكذا نجد أن كل عمل نقوم به "مختارين" نحتاج إلى "الإرادة" للقيام به. إذن لنخصص المصطلح الذي نستعمله في المألوف من أحاديثنا وكتاباتنا فنقول: "تقوية إرادة الخير"، والخير كلمة عامة تصلح لأمور الدنيا وأمور الآخرة. 

وقد وجدت أن أفضل ما يوفَّق به بين العلم النفسي والنص القرآني هو أن نعتبر أن جماع الرغبات الخيِّرة -بالتعبير النفسي- هو "النفس اللوَّامة" التي ذكرها القرآن، وجماع الرغبات الشريرة هو "النفس الأمّارة بالسوء". وعندما نقوّي إرادة الخير في نفوسنا، أو نقوي الرغبات الخيّرة والنوازع الصالحة في نفوسنا، فإن كل ما نصنعه في الحقيقة هو أننا ننصر النفسَ الصالحة على النفس الطالحة، فنجعل للأولى على حياتنا الأمر والسلطان ونحكم على الثانية بالضعف والخذلان. وما هما بنفسين على التحقيق، فليس للواحد من الناس إلا نفس واحدة، ولكنها ميول للنفس إلى جهة الخير أو إلى جهة الشر: {ونفسٍ وما سوّاها فألهَمَها فُجورَها وتقواها}، {وهَدَيْناه النَّجْدين}، وكلما عزّزنا إرادة الخير ورغبات الخير في أنفسنا تضخمت فيها النفس السوية الصالحة اللوّامة، وتضاءلت النفس الأمّارة بالسوء، فتحقق لنا -بإذن الله- الخير والفلاح في الدنيا وفي الآخرة.



    

#الطريق_الى_الانقاذ